وَمِن هَذَا الْبَابِ أَيْضًا: نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم وَسَلَامُهُ: جِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ.
فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ مَا وُصِفَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَأرْوَاحُ الْآدَمِيِّينَ مِن جِنْسِ الْحَرَكَةِ وَالصُّعُودِ وَالنُّزولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يُمَاثِلُ حَرَكَةَ أَجْسَامِ الْآدَمِيِّينَ وَغَيْرِهَا مِمَّا نَشْهَدُهُ بِالْأَبْصَارِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهَا مَا لَا يُمْكِنُ فِي أَجْسَامِ الْآدَمِيِّينَ: كَانَ مَا يُوصَفُ بِهِ الرَّبُّ مِن ذَلِكَ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ، وَأَبْعَد عَن مُمَاثَلَةِ نُزُولِ الْأَجْسَامِ؛ بَل نُزُولُهُ لَا يُمَاثِلُ نزُولَ الْمَلَائِكَةِ وَأَرْوَاحَ بَنِي آدَمَ، وَإِن كَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ مِن نُزُولِ أَجْسَامِهِمْ.
وَإِذَا كَانَ قُعُودُ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ لَيْسَ هُوَ مِثْل قُعُودِ الْبَدَنِ: فَمَا جَاءَت بِهِ الْآثَارُ عَن النَبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن لَفْظِ الْقُعُودِ وَالْجُلُوسِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى؛ كَحَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه-، وَحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- وَغَيْرِهِمَا: أَوْلَى أَنْ لَا يُمَاثِلَ صِفَاتِ أَجْسَامِ الْعِبَادِ. [٥/ ٥٤٢ - ٥٢٧]
* * *
(نِزَاعُ النَّاسِ في الْأَفْعَالِ اللَّازِمَةِ الْمُضَافَةِ إلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ: نَاشِئٌ عَن نِزَاعِهِمْ فِي أَصْلَيْنِ)
٤٦٩ - نِزَاعُ النَّاسِ فِي مَعْنَى حَدِيثِ النَّزُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِن الأفْعَالِ اللَّازِمَةِ الْمُضَافَةِ إلَى الرَّبِّ - سبحانه وتعالي -؛ مِثْل الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالِاسْتِوَاءِ إلَى السَّمَاءِ وَعَلَى الْعَرْشِ؛ بَل وَفِي الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ مِثْل الْخَلْقِ وَالْإِحْسَانِ وَالْعَدْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: هوَ نَاشِئٌ عَن نِزَاعِهِمْ فِي أَصْلَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى هَل يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ مِن الْأَفْعَالِ؛ فَيَكُونُ خَلْقُهُ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فِعْلًا فَعَلَهُ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ، أَو أَنَّ فِعْلَهُ هُوَ الْمَفْعُولُ، وَالْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute