للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(المسائل التي هي من أصول الدِّين لا بدّ أنْ يُبيّنها النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-)

٣٢٠ - إِنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي هِيَ مِن أُصُولِ الدِّينِ -الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ تُسَمَّى أُصُولَ الدِّينِ، أَعْنِي الدِّينَ الَّذِي أَرْسَلَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كِتَابَهُ-: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُنْقَلْ عَن النَّبِيِّ فِيهَا كَلَامٌ؛ بَل هَذَا كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ فِي نَفْسِهِ؛ إذ كَوْنُهَا مِن أُصُولِ الدِّينِ يُوجِبُ أَنْ تَكونَ مِن أَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ، وَأَنَّهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الدِّينُ.

ثُمَّ نَفْيُ نَقْلِ الْكَلَامِ فِيهَا عَن الرَّسُولِ يُوجِبُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ:

أ- إمَّا أَنَّ الرَّسولَ أَهْمَلَ الْأُمُورَ الْمُهِمَّةَ الَّتِي يَحْتَاجُ الدِّينُ إلَيْهَا فَلَمْ يُبَيِّنْهَا.

ب- أَو أَنَّهُ بَيَّنهَا فَلَمْ تَنْقُلْهَا الْأُمَّةُ.

وَكِلَا هَذَيْنِ بَاطِلٌ قَطْعًا. [٣/ ٢٩٤]

* * *

[جواب الشيخ على من قال بأن الشرع إنما يدل بطريق الخبر الصادق، وأن دلالته موقوفة على العلم بصدق المخبر]

٣٢١ - إِنَّهُ وَإِن كَانَ يَظنُّ طَوَائِفُ مِن الْمُتَكلِّمِينَ والمتفلسفة أَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْخَبَرِ الصَّادِقِ، فَدَلَالَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْمُخْبِرِ، وَيَجْعَلُونَ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ مَعْقُولَاتٍ مَحْضَةً: فَقَد غَلِطُوا فِي ذَلِكَ غَلَطًا عَظِيمًا.

بَل ضَلُّوا ضَلَالًا مُبِينًا فِي ظَنِّهِمْ أَنَّ دَلَالَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إنَّمَا هِيَ بِطَرِيقِ الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ.

بَل الْأَمْرُ مَا عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا -أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ- مِن أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى بَيَّنَ مِن الْأدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الْعِلْمِ بِذَلِكَ مَا لَا يُقَدِّرُ أَحَدٌ مِن هَؤُلَاءِ قَدْرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>