للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَلِكَ أَنَّ اللّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] وَهَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْحِلْف بِالْمَخْلُوقَاتِ شِرْكٌ لَيْسَ مِن أَيْمَانِهِمْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَد أَشْرَكَ" رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ (١). [٣٣/ ٤٤ - ٥١]

٤٦٦٣ - مَن حَلَفَ بِإِيمَانِ الشِّرْكِ؛ مِثْل أَنْ يَحْلِفَ بِتُرْبَةِ أَبِيهِ أَو الْكعْبَةِ أَو نِعْمَةِ السُّلْطَانِ أَو حَيَاةِ الشَّيْخِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِن الْمَخْلُوقَاتِ: فَهَذِهِ الْيَمِينُ غيْرُ مُنْعَقِدَةٍ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا إذَا حَنثَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. [٣٣/ ٥٩]

(الفرق بَيْنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بهِ الْإِيقَاعُ وَالَّذِي يقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ)

٤٦٦٤ - فَصْلٌ: فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ وَالَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ:

فَالْأوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ وَإِن كَانَ الشَّرْطُ مَكْرُوهًا لَهُ.

فَهَذَا مُوقِعٌ لِلطَّلَاقِ عِنْدَ الصِّفَةِ لَا حَالِف، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي مِثْل هَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَن الصَّحَابَةِ؛ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَعَن التَّابِعِينَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ، وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِن السَّلَفِ قَالَ فِي مِثْل هَذَا: إنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَلَكِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِن الشِّيعَةِ وَطَائِفَةٌ مِن الظَّاهِرِيَّةِ.

وَهَذَا لَيْسَ بِحَالِف، وَلَا يَدْخلُ فِي لَفْظِ الْيَمِينِ الْمُكَفّرَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَلَكِنْ مِن النَّاسِ مَن سَمَّى هَذَا حَالِفًا، كَمَا أَنَ مِنْهُم مَن يُسَمِّي كُلَّ مُعَلّقٍ حَالِفًا، وَمِن النَّاسِ مَن يُسَمِّي كُلَّ مُنْجِّزٍ لِلطَّلَاقِ حَالِفًا.

وَهَذِهِ الاِصْطِلَاحَاتُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَ لَهَا أَصْل فِي اللُّغَةِ، وَلَا فِي كَلَامِ الشَّارعِ وَلَا كَلَامِ الصَّحَابَةِ.


(١) رواه أبو داود (٣٢٥١)، وأحمد (٥٣٧٥)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>