للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بَابُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

٤٦٥٦ - الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا النَّاسُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ.

والثَّاني: أَيْمَانُ الْمُشْرِكِينَ.

فَالْقِسْمُ الثَّانِي الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ؛ كَالْحَلِفِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَشَايِخِ وَالْمُلُوكِ وَالْآبَاءِ وَالسيْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْلِفُ بِهَا كَثِيرٌ مِن النَّاسِ، فَهَذِهِ الْأَيْمَانُ لَا حُرْمَةَ لَهَا؛ بَل هِيَ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَن حَنِثَ فِيهَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَل مَن حَلَفَ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَحِّدَ اللّهَ تَعَالَى، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالْعُزى فَلْيَقُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللّهُ" (١).

وَالنَّذْرُ لِلْمَخْلُوقَاتِ أَعْظَمُ مِن الْحَلِفِ بِهَا، فَمَن نَذَرَ لِمَخْلُوق لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ، وَلَا وَفَاءَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ مِثْل مَن يُنْذِرُ لِمَيِّت مِن الْأنْبِيَاءِ وَالْمَشَايخِ وَغَيْرِهِمْ.

وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا مَنْهِي عَنْهُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ.

النَّوْعُ الثَّانِي: أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ حَلَفَ بِاسْمِ اللّهِ فَهِيَ أَيْمَانٌ مُنْعَقِدَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ.

وَإِذَا حَلَفَ بِمَا يَلْتَزِمُهُ للّهِ؛ كَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالظّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ مِثْل أَنْ يَقُولَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ، أَو فَمَالِي صَدَقَةٌ،


(١) رواه البخاري (٤٨٦٠)، ومسلم (١٦٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>