وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَن الصَّحَابَةِ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين، وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِن أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَكَانَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- مَسْرُورًا لِقِتَالِ الْخَوَارجِ وَيَرْوِي الْحَدِيثَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ، وَأَمَّا قِتَالُ صَفِّينَ فَذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ فِيهِ نَصٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ رَآهُ، وَكَانَ أَحْيَانًا يَحْمَدُ مَن لَمْ يَرَ الْقِتَالَ.
وَقَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَسَنِ: "إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِن الْمُسْلِمِينَ" (١)، فَقَد مَدَحَ الْحَسَنَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِإِصْلَاحِ اللهِ بِهِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ: أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِ مُعَاوِيةَ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ أَحْسَنَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُن الْقِتَالُ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا.
وَقِتَالُ الْخَوَارجِ قَد ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يُسَوَّى بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا مَدَحَ تَارِكَهُ وَأَثْنَىَ عَلَيْهِ؟. [٣٥/ ٥٤ - ٥٦]
٥٢٠٩ - أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ الطَّائِفَةَ الْمَارِقَةَ يَقْتُلُهَا أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ، فَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمَن مَعَهُ هُم الَّذِينَ قَاتَلُوهُم، فَدَلَّ كَلَامُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَنَّهُم أَدْنَى إلَى الْحَقِّ مِن مُعَاوِيَةَ وَمَن مَعَهُ مَعَ إيمَانِ الطَّائِفَتَيْنِ. [٢٥/ ٣٠٦]
* * *
(حكم من لَعَنَ أَحَدًا مِن أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ومعنى الصحبة ودرجاتها)
٥٢١٠ - مَن لَعَنَ أَحَدًا مِن أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -كمعاوية بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرِو بْنِ العاص وَنَحْوِهِمَا .. - فَإِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ الْبَلِيغَةِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ.
وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَل يُعَاقَبُ بِالْقَتْلِ أَو مَا دُونَ الْقَتْلِ؟
(١) رواه البخاري (٢٧٠٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute