للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذه الْمَسَائِلُ وإن كَانَ غَالِبُهَا مُوَافِقًا لِأُصُولِ السُّنَّةِ، فَفِيهَا مَا إذَا خَالَفَهُ الْإِنْسَانُ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ. [٣/ ٣٧٩ - ٣٨٠]

* * *

(نُور الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُغْنِي عَن كُلِّ شَيْءٍ)

٤٣٢ - مِلَاكُ الْأَمْرِ: أَنْ يَهَبَ اللهُ لِلْعَبْدِ حِكْمَةً وَإِيمَانًا؛ بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ عَقْلٌ وَدِينٌ حَتَّى يَفْهَمَ وَيدِينَ.

ثُمَّ نُورُ الْكتَابِ وَالسُّنَّةِ يُغْنِيهِ عَن كُلِّ شَيْءٍ (١).

وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِن النَّاسِ قَد صَارَ مُنْتَسِبًا إلَى بَعْضِ طَوَائِفِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَمُحْسِنًا لِلظَّنِّ بِهِم دُونَ غَيْرِهِمْ، وَمُتَوَهِّمًا أَنَّهُم حَقَّقُوا فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَمْ يُحَقِّقْهُ غَيْرُهُمْ.

فَلَو أُتِي بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعَهَا حَتَّى يُؤْتَى بِشَيْء مِن كَلَامِهِمْ (٢).

ثُمَّ هُم مَعَ هَذَا مُخَالِفُونَ لِأَسْلَافِهِمْ غَيْرُ مُتَّبِعِينَ لَهُمْ، فَلَو أَنَّهُم أَخَذُوا بِالْهُدَى الَّذِي يَجِدُونَهُ فِي كَلَامِ أَسْلَافِهِمْ لَرُجِيَ لَهُم مَعَ الصِّدْقِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ أَنْ يَزْدَادُوا هدًى.

وَمَن كَانَ لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ إلَّا مِن طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ لَا يَتَمَسَّكُ بِمَا جَاءَت بِهِ مِن الْحَقِّ: فَفِيهِ شَبَهٌ مِن الْيَهُودِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ


(١) صدق رَحِمَه الله، فنُورُ الْكِتَاب وَالسُّنَّةِ يُغْنِي المتمسك بهما، المهتدي بهديهما عَن كُلِّ شَيْءٍ.
فالأنس بهما أعظم وأدوم من كل أنس، والاستغناء بهما يُزهِّدُ عن التعلق بالغناء الظاهر المادي، والعلم الحاصل منهما في التربية والتعامل والسلوك والأخلاق والعشرة والأدب والإيمان أعظم وأجل من غيرهما ولا مقارنة.
ومن نورهما ومشكاتهما تُكتسب القناعة والورع والزهد والهمة والعقل والحكمة.
(٢) وهذا حال من لم يجعل القرآن والسُّنَّة منهجه وسبيله، وغايةَ مقصدِه، ومصدر علمه، ومنبع فهمه، ومورد استدلاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>