للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأيْنَ هَؤُلَاءِ الضُّلَّالُ مِمَّا تُورِثُهُ هَذِهِ الْمَلْعُونَةُ مِن قِلَّةِ الْغَيْرَةِ، وَزَوَالِ الْحَمِيَّةِ، حَتَّى يَصِيرَ آكِلُهَا إمَّا دَيُّوثًا (١) وَإِمَّا مَأْبُونا (٢) وَإِمَّا كِلَاهُمَا.

وَتُفْسِدُ الْأَمْزِجَةَ حَتَّى جَعَلَتْ خَلْقًا كَثِيرًا مَجَانِينَ، وَمَن لَمْ يُجَنَّ مِنْهُم فَقَد أَعْطَتْهُ نَقْصَ الْعَقْلِ، وَلَو صَحَا مِنْهَا فإِنَّه لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْلِهِ خَبَل (٣).

ثُمَّ إنَّ كَثِيرَهَا يُسْكِرُ حَتَّى يَصُدَّ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَن الصَّلَاةِ، وَهِيَ وَإِن كَانَت لَا تُوجِبُ قُوَّةَ نَفْسِ صَاحِبِهَا حَتَّى يُضَارِبَ ويُشَاتِمَ (٤)، فَكَفَى بِالرَّجُلِ شَرًّا أَنَّهَا تَصُدُّهُ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَن الصَّلَاةِ إذَا سَكِرَ مِنْهَا.

وَقَلِيلُهَا وَإِن لَمْ يُسْكِرْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَلِيلِ الْخَمْرِ.

ثُمَّ إنَّهَا تُورِثُ مِن مَهَانَةِ آكِلِهَا، وَدَنَاءَةِ نَفْسِهِ، وَانْفِتَاحِ شَهْوَتِهِ مَا لَا يُورِثُهُ الْخَمْرُ.

فَفِيهَا مِن الْمَفَاسِدِ مَا لَيْسَ فِي الْخَمْرِ، وَإِن كَانَ فِي الْخَمْرِ مَفْسَدَة لَيْسَتْ فِيهَا وَهِيَ الْحِدَّةُ، فَهِيَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى مِن الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ آكِلِ الْحَشِيشَةِ عَلَى نَفْسِهِ أشَدُّ مِن ضَرَرِ الْخَمْرِ، وَضَرَرَ شَارِبِ الْخَمْرِ عَلَى النَّاسِ أَشَدُّ .. وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللهُ الْمَحَارِمَ لِأَنَّهَا تَضُرُّ أصْحَابَهَا. [٣٤/ ٢٢١ - ٢٢٤]

* * *

(حكم شرب الخمر وحدُّه، وهل يُقتل إذا شرب في الرابعة؟)

٤٨٨٦ - أَمَّا شَارِبُ الْخَمْرِ فَيَجِبُ بِاتِّفَاقِ الأئِمَّةِ أنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَحَدُّهُ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً أَو ثَمَانُونَ جَلْدَة، فَإِنْ جَلَدَهُ ثَمَانِينَ جَازَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَإِن اقْتَصَرَ عَلَى الْأرْبَعِينَ فَفِي الْإِجْزَاءِ نِزَاعٌ.


(١) الدَّيُّوثُ: هُوَ القَوّادُ على أَهْلِه، وَالَّذِي لَا يَغَارُ على أهْلِه، مأْخُوذ من قَوْلهم: بَعِيرٌ مُدَيَّثٌ؛ أَي: مذَلَّل؛ لكونِه لَا غَيْرَةَ لَهُ، كأَنَّه ذُلِّل حَتى صَار كالبَعِير المُنْقادِ المُرَوَّضِ، لَا يَصْعُب عَلَيْهِ الأمرُ. يُنظر: تاج العروس مادة: (ديث).
(٢) المَأَبون: هو مَن تُفْعل فيه الفاحشةُ والعياذ بالله تعالى.
(٣) وهذا أمرٌ مشاهد معروف، وتُورث آكلها الوسوسة والشك حتى في عرض أهله والعياذ بالله.
(٤) كما في الخمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>