للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العنكبوت]

١٥٤٤ - قَوْلُهُ: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: ٤٩] (١)، سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ بَيِّنٌ فِي صُدُورِهِمْ، أَو أَنَّهُ مَحْفُوظ فِي صُدُورِهِمْ أَو أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرَانِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ فَإِنَّهُ مَحْفُوظ فِي صُدُورِ الْعُلَمَاءِ بَيِّن فِي صُدُورِهِمْ، يَعْلَمُونَ أَنَّهُ حَقٌّ كَمَا قَالَ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: ٦]، وقال: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [الحج: ٥٤]. [١٤/ ١٩٠]

١٥٤٥ - قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]؛ أَيْ: ذِكْرُ اللهِ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ أَكْبَرُ مِن كَونِهَا تَنْهَى عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (٢)، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذِكْرَ اللهِ خَارج الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِن الصَّلَاةِ وَمَا فِيهَا مِن ذِكْرِ اللهِ، فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. [٣٢/ ٢٣٢]

* * *

[سورة الروم]

١٥٤٦ - قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الروم: ٢٨]، يَقُولُ تَعَالَى: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ لَا يَرْضَا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكُهُ شَرِيكًا لَهُ مِثْل نَفْسِهِ، فَكَيْفَ تَجْعَلُونَ مَمْلُوكِي شَرِيكَا لِي؟ وَكُلُّ مَا سِوَى اللهِ مِن الْمَلَائِكَةِ


(١) في الآية دلالة واضحةٌ في أنّ بيان القرآن ودلائله واستنباط الأحكام منه لا يكون إلا عن طريق العلماء، وإنما ضلّت أكثر الفرق والطوائف حينما ترك أصحابُها الرجوع إلى بيان العلماء للقرآن، وأخذوه من الجهلة وأنصاف العلماء.
وفي الآية تزكيةٌ للعلماء، حيث حصر تعالى بيان القرآن فيهم، وأنه بيّنٌ عندهم لا عند غيرهم من العُبَّاد والمجاهدين والْحُكَّام، وأنهم هم الحفاظ له دون غيرهم، ولو لم يحفظوا نصّه كلّه، فإن حفظ فهمه والعمل به أعظم من حفظ حروفه.
(٢) فالصلاة لها مقصودان: النهي عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وذِكْرُ اللهِ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ، وذكر الله أكبر مقاصدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>