وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ إن اُحْتِيجَ إلَى جَعْلِهِ ذَا مَحْرَمٍ، وَقَد يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ.
وَلَبَنُ الْآدَمِيَّاتِ طَاهِرٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. [٣٤/ ٥٩ - ٦٠]
* * *
(بَابُ الْحَضَانَةِ)
٤٧٧٧ - قَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، يَدُلُّ عَلَى أنَّ هَذَا تَمَامُ الرَّضَاعَةِ، وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غِذَاءٌ مِن الْأَغْذِيَةِ.
وَبِهَذَا يَسْتَدِلُّ مَن يَقُولُ: الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ.
وَقَوْلُهُ: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ "الْحَوْلَيْنِ" يَقَعُ عَلَى حَوْلٍ وَبَعْضِ آخَرَ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِهِمْ، يُقَالُ: لِفُلَان عِشرُونَ عَامًا، إذَا أَكْمَلَ ذَلِكَ.
قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا: لَمَّا جَازَ أَنْ يَقُولَ: "حَوْلَيْنِ" وَيُرِيدُ أَقَلَّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة ة ٢٠٣]، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَتَعَجَّلُ فِي يَوْمٍ وَبَعْضِ آخَرَ وَتَقُولُ: لَمْ أَرَ فُلَانًا يَوْمَيْنِ، وَإِنَّمَا تُرِيدُ يَوْمًا وَبَعْضَ آخَرَ: قَالَ: "كَامِلَيْنِ" لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُمَا.
وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦] فَإِنَّ لَفْظَ "الْعَشَرَةِ" يَقَعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَبَعْضِ الْعَاشِرِ، فَيُقَالُ: أَقَمْت عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهَا.
فَقَوْلُهُ هُنَاكَ: {كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦]، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هُنَا: {كَامِلَيْنِ}.
وذَكَرَ ابُو الْفَرَجِ هَل هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْوَالِدَاتِ؟ أَو يَخْتَصُّ بِالْمُطَلَّقَاتِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَلهَذَا نَقُولُ: لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا لِرِضَاعِ وَلَدِهَا، سَوَاءٌ كَانَت مَعَ الزَّوْجِ أَو مُطَلَّقَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute