أنؤخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال:"أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤخذ بها، ومن أساء أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام" - قال الشيخ تقي الدين: فالإسلام لتضمنه التوبة المطلقة يوجب المغفرة المطلقة، إِلَّا أن يقترن به ما ينافي هذا الاقتضاء وهو الإصرار، كما أنه يوجب الإيمان المطلق ما لم يناقضه كفر متصل؛ فالإصرار في الذنوب كالاعتقاد في التصديق. [المستدرك ١/ ١٥١ - ١٥٢]
* * *
(إذا زنى بامرأة ثم تاب هل يُعلم الزوج؟)
١٠٨٩ - سئلتُ عن نظير هذه المسألة، وهو رجل تعرض لامرأة غيره فزنى بها، ثم تاب من ذلك، وسأله زوجها عن ذلك فأنكر، فطلب استحلافه، فإن حلف على نفي الفعل كانت يمينه غموسًا، وإن لم يحلف قويت التهمة، وإن أقر جرى عليه وعليها من الشر أمر عظيم.
فأفتيته أنه يضم إلى التوبة فيما بينه وبين الله تعالى الإحسان إلى الزوج بالدعاء والاستغفار والصدقة عنه ونحو ذلك بما يكون بإزاء إيذائه له في أهله، فإن الزنى بها تعلق به حق الله تعالى، وحق زوجها من جنس حقه في عرضه، وليس مما ينجبر بالمثل كالدماء والأموال؛ بل هو من جنس القذف الذي جزاؤه من غير جنسه، فتكون توبة هذا كتوبة القاذف، وتعريضه كتعريضه وحلفه على التعرض كحلفه، وأما لو ظلمه في دم أو مال فإنه لا بد من إيفاء الحق فإن له بدلًا، وقد نص أحمد رحمه الله في الفرق بين توبة القاتل وبين توبة القاذف.
وهذا الباب ونحوه فيه خلاص عظيم وتفريج كربات للنفوس من آثار المعاصي والمظالم، فإن الفقيه كل الفقيه الذي لا يؤيس الناس من رحمة اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -، ولا يُجَرّئُهُمْ (١) على معاصي اللّه تعالى، وجميع النفوس لا بد
(١) في الأصل: (يجرؤهم)، وهو خطأ إملائيًّا، وقد ذكر شيخ الإسلام هذا الكلام في عدة مواضع من كتبه، وكتبها على نبرة كما هو مثبت.