للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المجوس ليسوا أهل كتاب]

٤٤٤٣ - وَأَمَّا الْمَجُوسِيَّةُ فَقَد ذَكَرْنَا أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَجُوسَ لَا تَحِل ذَبَائِحُهُم وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: لَيْسُوا مِن أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَن لَمْ يَكُن مِن أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَحِلَّ طَعَامُهُ وَلَا نِسَاؤُهُ.

وَأَيْضًا: فَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّة وَغَيْرِهِ مِن التَّابِعِينَ: أَنَّ

النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِن الْمَجُوسِ وَقَالَ: "سُنُوا بِهِم سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ

نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ" (١) وَهَذَا مُرْسَلٌ.

وَعَن خَمْسَةٍ مِن الصَّحَابَةِ تُوَافِقُهُ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُم خِلَافٌ.

وَقَد عَمِلَ بِهَذَا الْمُرْسَلِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَالْمُرْسَلُ: فِي أَحَدِ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ حُجَّة؛ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.

وَفِي الْآخَرِ: هُوَ حُجَّة إذَا عَضَّدَهُ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ،

أَو أُرْسِلَ مِن وَجْهٍ آخَرَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

فَمِثْلُ هَذَا الْمُرْسَلِ حُجَّة بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَهَذَا الْمُرْسَلُ نَصٌّ فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: رُوِيَ عَن عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ لَهُم كِتَابٌ فَرُفِعَ.

قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ قَد ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ، وَإِن صَحَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُم كِتَابٌ فَرُفِعَ، لَا أَنَّهُ الْآنَ بِأَيْدِيهِمْ كِتَابٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ


(١) رواه مالك (٧٥٦). دون زيادة: غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>