اشتباه بعض العبادات بغيرِها:
٥٣٥١ - كَثِيرًا مَا يَشْتَبِهُ الزُّهْدُ بِالْكَسَلِ وَالْعَجْزِ وَالْبِطَالَةِ عَن الْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَكَثِيرًا مَا تَشْتَبِهُ الرَّغْبَةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالْحِرْصِ وَالطَّمَعِ وَالْعَمَلِ الَّذِي ضَلَّ سَعْيُ صَاحِبِهِ. [١٠/ ٦١٧]
* * *
هل الثَّوَاب عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ؟
٥٣٥٢ - قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ: الثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَأَمَّا الْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الطَّاعَةِ فَقَد تَكُونُ الطَّاعَةُ للهِ وَرَسْولِهِ فِي عَمَلٍ مُيَسَّرٍ، كَمَا يَسَّرَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ "الْكَلِمَتَيْنِ" وَهُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ.
وَلَو قِيلَ: الْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ مَنْفَعَةِ الْعَمَلِ وَفَائِدَتِهِ لَكَانَ صَحِيحًا اتِّصَافُ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ بِالْأَمْرِ، وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ صِفَتِهِ فِي نَفْسِهِ.
وَلَكِنْ قَد يَكُونُ الْعَمَلُ الْفَاضِلُ مُشِقًّا، فَفَضْلُهُ لِمَعْنَى غَيْرِ مَشَقَّتِهِ، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ مَعَ الْمَشَقَّةِ يَزِيدُ ثَوَابَهُ وَأَجْرَهُ، فَيَزْدَادُ الثَّوَابُ بِالْمَشَقَّةِ، كَمَا أَنَّ مَن كَانَ بُعْدُهُ عَن الْبَيْتِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَكْثَرَ يَكُونُ أَجْرُهُ أَعْظَمَ مِن الْقَرِيبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعَائِشَةَ فِي "الْعُمْرَةِ: "أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك" (١)؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ فِي بعْدِ الْمَسَافَةِ، وَبِالْبُعْدِ يَكْثُرُ النَّصَبُ فَيَكْثُرُ الْأَجْرُ.
فَكَثِيرًا مَا يَكْثُرُ الثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ، لَا لِأَنَّ التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ مَقْصُودٌ مِن الْعَمَلِ؛ وَلَكِنْ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ. [١٠/ ٦٢٠ - ٦٢٢]
(١) متفق عليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute