(ما أَصْلُ نِزَاعِ هَذِهِ الْفِرَقِ فِي الْإِيمَانِ؟)
٥٦٧ - أَصْلُ نِزَاعِ هَذِهِ الْفِرَقِ فِي الْإِيمَانِ مِن الْخَوَارجِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُم جَعَلُوا الْإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدًا إذَا زَالَ بَعْضُهُ زَالَ جَمِيعُهُ، وَإِذَا ثَبَتَ بَعْضُهُ ثَبَتَ جَمِيعُهُ، فَلَمْ يَقُولُوا بِذَهَابِ بَعْضِهِ وَبَقَاءِ بَعْضِهِ. [٧/ ٥١٠]
٥٦٨ - يُرْوَى عَن الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَنَحْوِهِ مِن السَّلَفِ أَنَّهُم سَمَّوْا الْفُسَّاقَ مُنَافِقِينَ، فَجَعَلَ أَهْلُ الْمَقَالَاتِ هَذَا قَوْلًا مُخَالِفًا لِلْجُمْهُورِ إذَا حَكَوْا تَنَازُعَ النَّاسِ فِي الْفَاسِقِ الْمِلِّي.
وَالْحَسَنُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- لَمْ يَقُلْ مَا خَرَجَ بِهِ عَن الْجَمَاعَةِ، لَكِنْ سَمَّاهُ مُنَافِقًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا.
وَالنِّفَاقُ كَالْكُفْرِ نِفَاقٌ دُونَ نِفَاقٍ، وَلهَذَا كَثِيرًا مَا يُقَالُ: كُفْرٌ يَنْقُلُ عَن الْمِلَّةِ وَكُفْرٌ لَا يَنْقُلُ، وَنِفَاقٌ أَكْبَرُ وَنِفَاقٌ أَصْغَرُ، كَمَا يُقَالُ: الشِّرْكُ شِرْكَانِ: أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ. [٧/ ٥٢٤]
***
(الْإِرَادَةُ بلَا عَمَلٍ هَل يَحْصُلُ بِهَا عِقَابٌ؟ وما الفَرْق بَيْنَ الْهَمِّ وَالْإِرَادَةِ؟ والفرق بين علم القلب وعمله)
٥٦٩ - الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ إذَا فَعَلَ مَعَهَا الْإِنْسَانُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ التَّامِّ: لَهُ ثَوَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ وَعِقَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ.
وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيع الْخَلَائِقِ أَخَذَ اللّهُ عَلَيْهِم مِيثَاقَ الْإِيمَانِ بِهِ كَمَا أَخَذَ عَلَى كُلُّ نَبِيٍّ أَنْ يُؤْمِنَ بِمَن قَبْلَهُ مِن الْأَنْبِيَاءِ، وَيُصَدِّقَ بِمَن بَعْدَهُ.
قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} الْآيَةَ [آل عمران: ٨١].
فَافْتَتَحَ الْكَلَامَ بِاللَّامِ الْمُوَطِّئَةِ لِلْقَسَمِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إذَا اشْتَمَلَ الْكَلَامُ عَلَى قَسَمٍ وَشَرْطٍ، وَأَدْخَلَ اللَّامَ عَلَى مَا الشَّرْطِيَّةِ لِيُبَيِّنَ الْعُمُومَ، وَيَكُونَ الْمَعْنَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute