فَأَنْتَ عَلَيْك أنْ تَنْصَحَ الْمَشْفُوعَ إلَيْهِ، فَتُبَيِّنُ لَهُ مَن يَسْتَحِقُّ الْوِلَايَةَ وَالِاسْتِخْدَامَ وَالْعَطَاءَ وَمَن لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَتَنْصَحُ لِلْمُسْلِمِينَ بِفِعْلِ مِثْل ذَلِكَ، وَتَنْصَحُ للهِ وَلرَسُولِهِ بِطَاعَتِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِن أَعْظَمِ طَاعَتِهِ، وَتَنْفَعُ هَذَا الْمُسْتَحِقَّ بِمُعَاوَنَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا عَلَيْك أنْ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ وَتُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمَسْمُوعُ الْكلَامِ: فَإِذَا أكَلَ قَدْرًا زَائِدًا عَن الضِّيَافَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا بُدَّ لَهُ أنْ يُكَافِئَ الْمُطْعِمَ بِمِثْل ذَلِكَ، أَو لَا يَأْكُلُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ، وَإِلَّا فَقَبُولُهُ الضِّيَافَةَ الزَّائِدَةَ مِثْل قَبُولِهِ لِلْهَدِيَّةِ، وَهُوَ مِن جِنْسِ الشَّاهِدِ وَالشَّافِعِ إذَا أَدَّى الشَّهَادَةَ وَقَامَ بِالشَّفَاعَةِ لِضِيَافَةٍ أَو جُعْلِ، فَإِنَّ هَذَا مِن أَسْبَابِ الْفَسَادِ. [٣١/ ٢٨٦ - ٢٨٨]
* * *
[حكم الهبة في مرض الموت]
٤١٧٤ - إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِمَالِهِ: فَلَيْسَ لَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِأَحَدٍ بِهِبَة، لَا مُحَابَاةً وَلَا إبْرَاءً مِن دَيْنٍ إلَّا بِإِجَازَةِ الْغُرَمَاءِ؛ بَل لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ حَقٌّ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا أَن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّة، وَالتَّبَرُّعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْوَصِيَّةِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. [٣١/ ٢٩٢]
٤١٧٥ - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللهُ: عَن رَجُلٍ خَلَّفَ شَيْئًا مِن الدُّنْيَا وَتَقَاسَمَهُ أَوْلَادُهُ، وَأَعْطَوْا أُمَّهُم كِتَابَهَا وَثَمَنَهَا، وَبَعْدَ قَلِيلٍ وَجَدَ الْأَوْلَادُ مَعَ أُمِّهِمْ شَيْئًا يَجِيءُ ثُلُثَ الْوِرَاثَةِ، فَقَالُوا: مِن أَيْنَ لَك هَذَا الْمَالُ؟ فَقَالَتْ: لَمَّا كَانَ أَبُوكُمْ مَرِيضًا طَلَبْتُ مِنْهُ شَيْئًا فَأَعْطَانِي ثُلُثَ مَالِهِ، فَأَخَذُوا الْمَالَ مِن أُمِّهِمْ وَقَالُوا: مَا أَعْطَاك أبُونَا شَيْئًا، فَهَل يَجِبُ رَدُّ الْمَالِ إلَيْهَا؟
فَأَجَابَ: مَا أَعْطَى الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِوُرَّاثِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَمَا أَعْطَاهُ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ فَهُوَ كَسَائِرِ مَالِهِ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ بَاقِي الْوَرَثَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute