للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالرَّسُولُ هُوَ الْغَايَةُ فِي كَمَالِ الْعِلْمِ، وَالْغَايَةُ فِي كَمَالِ إرَادَةِ الْبَلَاغِ الْمُبِينِ، وَالْغَايَةُ فِي قُدْرَتهِ عَلَى الْبَلَاغِ الْمُبِينِ.

وَمَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ وَالْإِرَادَةِ الْجَازِمَةِ: يَجِبُ وُجُودُ الْمُرَادِ؛ فَعُلِمَ قَطْعًا أَنَّ مَا بَيَّنَه مِن أَمْرِ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ: حَصَلَ بِهِ مُرَادُهُ مِن الْبَيَانِ، وَمَا أَرَادَهُ مِن الْبَيَانِ فَهُوَ مُطَابِقٌ لِعِلْمِهِ، وَعِلْمُهُ بِذَلِكَ أَكْمَلُ الْعُلُومِ.

فَكُلُّ مَن ظَنَّ أَنَّ غَيْرَ الرَّسُولِ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْهُ، أَو أَكْمَلُ بَيَانًا مِنْهُ، أَو أَحْرَصُ عَلَى هَدْيِ الْخَلْقِ مِنْهُ: فَهُوَ مِن الْمُلْحِدِينَ لَا مِن الْمُؤْمِنِينَ.

وَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَان وَمَن سَلَكَ سَبِيلَهُم فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقَامَةِ. [٥/ ٣٠ - ٣١]

* * *

[معنى لفظ التأويل]

٤٢٩ - إِنَّ لَفْظَ التَّأْوِيلِ يُرَادُ بِهِ ثَلَاث مَعَانٍ:

فَالتَّأْوِيلُ فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِن الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ: صَرْفُ اللَّفْظِ عَن الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ لِدَليل يَقْتَرِنُ بِذَلِكَ.

فَلَا يَكُونُ مَعْنَى اللَّفْظِ الْمُوَافِقِ لِدَلَالَةِ ظَاهِرِهِ تَأْوِيلًا عَلَى اصْطِلَاحِ هَؤُلَاءِ، وَظَنُّوا أَنَّ مُرَادَ اللهِ تَعَالَى بِلَفْظِ التَّأْوِيلِ ذَلِكَ، وَأَنَّ لِلنُّصُوصِ تَأْوِيلًا يُخَالِفُ مَدْلُولَهَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللهُ، وَلَا يَعْلَمُهُ الْمُتَأَوِّلُونَ.

ثُمَّ كَثِيرٌ مِن هَؤُلَاءِ يَقولُونَ: تُجْرى عَلَى ظَاهِرِهَا، فَظَاهِرُهَا مُرَادٌ، مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ لَهَا تَأْوِيلًا بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللهُ!

وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَقَعَ فِيهِ كَثِيرٌ مِن هَؤُلَاءِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ مِن أصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ.

وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّ التَّأْوِيلَ هُوَ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ، سَوَاءٌ وَافَقَ ظَاهِرَهُ أَو

<<  <  ج: ص:  >  >>