للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الزكاة]

٢٩٦٦ - أَصْلُ "الزَّكَاةِ" الزِّيَادَةِ فِي الْخَيْرِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: زَكَا الزَّرْعُ وَزَكَا الْمَالُ إذَا نَمَا.

وَلَنْ يَنْمُوَ الْخَيْرُ إلَّا بِتَرْكِ الشَّرِّ، وَالزَّرْعُ لَا يَزْكُو حَتَّى يُزَالَ عَنْهُ الدَّغَلُ، فَكَذَلِكَ النَّفْسُ وَالأعْمَالُ لَا تَزْكُوَا حَتَّى يُزَالَ عَنْهَا مَا يُنَاقِضُهَا، وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُتَزَكِّيًا إلَّا مَعَ تَرْكِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ يُدَنِّسُ النَّفْسَ وَيُدَسِّيهَا.

وَلهَذَا كَانَ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ أَعْظَمَ مَا تَزْكُو بِهِ النَّفْسُ، وَكَانَ الشِّرْكُ أَعْظَمَ مَا يُدَسِّيهَا وَتتزَكَّى بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالصَّدَقَةِ، هَذَا كُلُّهُ مِمَّا ذَكَرَهُ السَّلَفُ.

قَالُوا فِي {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} [الأعلى: ١٤] تَطَهَّرَ مِن الشِّرْكِ وَمِن الْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْبَةِ.

وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي قَوْلِهِ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: ٦، ٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إلَهَ إلا اللهُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يُزَكُّونَ أَعْمَالَهُم؛ أَيْ: لَيْسَتْ زَاكِيَةً.

وَعَن الْحَسَنِ: لَا يُؤْمِنُونَ بِالزَّكَاةِ وَلَا يُقِرُّونَ بِهَا.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يَتَزَكَّى بِهِ الْإِنْسَانُ مِن التَّوْحِيدِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ كَقَوْلِهِ: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨)} [النازعات: ١٨]، وَقَوْلُهُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} [الأعلى: ١٤]، وَالصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ لَمْ يمُنْ فُرِضَتْ عِنْدَ نُزولهَا.

فَإِنْ قِيلَ: يُؤْتَى فِعْلٌ مُتَعَدٍّ.

قِيلَ: هَذَا كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} [الأحزاب: ١٤]، وَتَقَدَّمَ قَبْلَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>