وَالثَّانِي: الشَّرْعُ الْمُؤَوَّلُ، وَهُوَ آرَاءُ الْعُلَمَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهَا؛ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَنَحْوِهِ، فَهَذَا يَسُوغُ اتِّبَاعُهُ وَلَا يَجِبُ وَلَا يَحْرُمُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُلْزِمَ عُمُومَ النَّاسِ بِهِ، وَلَا يَمْنَعَ عُمُومَ النَّاسِ مِنْهُ.
وَالثَّالِثُ: الشَّرْعُ الْمُبَدَّلُ، وَهُوَ الْكَذِبُ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَو عَلَى النَّاسِ بِشَهَادَاتِ الزُّورِ وَنَحْوهَا، وَالظُّلْمِ الْبَيِّنِ.
فَمَن قَالَ: إنَّ هَذَا مِن شَرْعِ اللهِ فَقَد كَفَرَ بِلَا نِزَاعٍ، كَمَن قَالَ: إنَّ الدَّمَ وَالْمَيْتَةَ حَلَالٌ، وَلَو قَالَ هَذَا مَذْهَبِي وَنَحْوُ ذَلِكَ. [٣/ ٢٦٨]
* * *
(الشَّرِيعَة تَأْمُرُ بالْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ، وَتنهَي عَن الْمفَاسِدِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ)
٢١٢٥ - الشَّرِيعَةُ تَأْمُرُ بِالْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ كَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ؛ فَإِنَّ الْإِيمَانَ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْجِهَادُ وَإِن كَانَ فِيهِ قَتْلُ النُّفُوسِ فَمَصلَحَتُهُ رَاجِحَةٌ، وَفِتْنَةُ الْكُفْرِ أَعْظَمُ فَسَادًا مِن الْقَتْلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ٢١٧].
وَنَهَى عَن الْمَفَاسِدِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ، كَمَا نَهَى عَن الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَعَن الْإِثْم وَالْبَغْي بِغَيْرِ الْحَقّ، وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَا يُبِيحُهَا قَطُّ فِي حَالٍ مِن الْأَحْوَالِ، وَلَا فِي شِرْعَةٍ مِن الشَّرَائِعِ، وَتَحْرِيمُ الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَفْسَدَتُهُ رَاجِحَةٌ، وَهَذَا الضرْبُ تُبِيحُهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ فَوَاتِ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِن مَفْسَدَةِ الِاغْتِذَاءِ بِهِ. [٢٧/ ٢٣٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute