للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَاحُ بَني آدَمَ: الإيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَلَا يُخْرِجُهُم عَن ذَلِكَ إلَّا شَيْئَانِ:

٥٣٩٠ - إِنَّ أَصْلَ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ النَّاسُ عَلَيْهَا إذَا سَلِمَتْ مِن الْفَسَادِ: إذَا رَأَتِ الْحَقَّ اتَّبَعَتْهُ وَأَحَبَّتْهُ.

وَمِن الْمَعْلُومِ أَنَّ اللهَ خَلَقَ فِي النُّفوسِ مَحَبَّةَ الْعِلْمِ دُونَ الْجَهْلِ، وَمَحَبَّةَ الصِّدْقِ دُونَ الْكَذِبِ، وَمَحَبَّةَ النَّافِعِ دونَ الضَّارِّ، وَحَيْثُ دَخَلَ ضِدُّ ذَلِكَ فَلِمُعَارِضٍ مِن هَوَى وَكِبْرٍ وَحَسَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ كَمَا أَنَّهُ فِي صَالِحِ الْجَسَدِ خَلَقَ اللهُ فِيهِ مَحَبَّةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْمُلَائِمِ لَهُ دُونَ الضَّارِّ، فَإِذَا اشْتَهَى مَا يَضُرُّهُ أَو كَرِهَ مَا يَنْفَعُهُ فَلِمَرَضٍ فِي الْجَسَدِ (١).

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَلَاحُ بَنِي آدَمَ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَلَا يُخْرِجُهُم عَن ذَلِكَ إلَّا شَيْئَانِ:

أَحَذهُمَا: الْجَهْلُ الْمُضَادُّ لِلْعِلْمِ فَيَكُونُونَ ضُلَّالًا.

وَالثَّانِي: اتِّبَاعُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ اللَّذَيْنِ فِي النَّفْسِ، فَيَكُونونَ غوَاةً مَغْضُوبًا عَلَيْهِم؛ وَلهَذَا قَالَ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢)} [النجم: ١].

وَهُم فِي الصَّلَاحِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أ- تَارَة يَكُونُ الْعَبْدُ إذَا عَرَفَ الْحَقَّ وَتَبَيَّنَ لَهُ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُدْعَى بِالْحِكْمَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَذَكَّرُ وَهُوَ الَّذِي يُحْدِثُ لَهُ الْقرْآنُ ذِكْرًا.

ب- وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مِن الْهَوَى وَالْمُعَارِضِ مَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الْخَوْفِ الَّذِي يَنْهَى النَّفْسَ عَن الْهَوَى؛ فَهَذَا يُدْعَى بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. [١٥/ ٢٤١ - ٢٤٣]

* * *


(١) وهذا يدل على أنّ انتكاس الفطرة ليس من نشأة الإنسان، بل خلقه الله تعالى مُحبًّا للصدق والحق، وشغوفًا للبحث عمَّا ينفعه في دينه ودنياه، ولكنه إذا نشأ على عقيدة باطلة صعب عليه مُخالفة عادته، وقبول الحق، وهو غير مُستعد أصلًا لذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>