للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا مَنْطُوقُ الْآيَةِ.

وَقَالَ السَّلَفُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَالِمٍ فَإِنَّهُ يَخْشَى اللهَ، كَمَا دَلَّ غَيْرُهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَن عَصَى اللهَ فَهُوَ جَاهِلٌ.

كَمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: سَألْت أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ عَن قَوْلِهِ: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: ١٧]، فَقَالُوا لِي: "كُلُّ مَن عَصَى اللهَ فَهُوَ جَاهِلٌ".

وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِد وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُم مِن الْعُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَمَن بَعْدَهُمْ.

وَذَلِكَ أَنَّ الْحَصْرَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، فَنَفَى الْخَشْيَةَ عَمَّن لَيْسَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهُم الْعُلَمَاءُ بِهِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَت بِهِ الرُّسُلُ يَخَافُونَهُ، قَالَ تَعَالَى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: ٩] وَأَثْبَتَهَا لِلْعُلَمَاءِ.

فَكلُّ عَالِمٍ يَخْشَاهُ، فَمَن لَمْ يَخْشَ اللهَ فَلَيْسَ مِن الْعُلَمَاءِ بَل مِن الْجُهَّالِ. [١٦/ ١٧٧ - ١٧٨]

* * *

[سورة الصافات]

١٥٥٨ - قَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)} [الصافات: ٣٥، ٣٦]، فَهَؤُلَاءِ مُسْتَكْبِرُونَ مُشْرِكُونَ، وإنَّمَا اسْتِكْبَارُهُم عَن إخْلَاصِ الدِّينِ للهِ، فَالْمُسْتَكْبِرُ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِاللهِ فِي الظَّاهِرِ كَفِرْعَوْنَ أَعْظَمُ كَفْرًا مِنْهُمْ، وَإِبْلِيسُ الَّذِي يَأْمُرُ بِهَذَا كُلِّهِ وَيُحِبُّه ويسْتَكْبِرُ عَن عِبَادَةِ رَبِّهِ وَطَاعَتِهِ أَعْظَمُ كُفْرًا مِن هَؤُلَاء، وَإِن كَانَ عَالِمًا بِوُجُودِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ، كَمَا أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ أَيْضًا عَالِمًا بِوُجُودِ اللهِ. [٧/ ٦٣٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>