قِيلَ لَهُ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ بِهِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، وَكَمَا يُقَالُ عَن الْحَوَادِثِ الَّتِي يُحْدِثُهَا اللهُ: هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ. [٨/ ٤٠٦ - ٤١٣]
٦٣٢ - فِعْلُ الْعَبْدِ: خُلْقٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَسْبٌ لِلْعَبْدِ. [٨/ ٣٨٨]
* * *
(مَسْأَلَةُ تَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ)
٦٣٣ - مَسْأَلَةُ تَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ: فِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِن الطَّوَائِفِ الْأرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ:
أ- فَالْحَنَفِيَّةُ وَكَثِيرٌ مِن الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ يَقُولُونَ بِتَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الكَرَّامِيَة وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الطَّوَائِفِ مِن الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ.
ب- وَكَثِيرٌ مِن الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ يَنْفُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأشْعَريَّةِ، لَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَأَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مِن أفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وَالْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُم مِن الْقَدَرِيَّةِ: يُخَالِفُونَ فِي هَذَا.
فَإْنْكَارُ الْقَدَرِ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَقَد ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ مَن يَقُولُ: بِتَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ يَنْفِي الْقَدَرَ، وَيَدْخُلُ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيزِ، وَهَذَا غَلَطٌ؛ بَل جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ لَا يُوَافِقُونَ الْمُعْتَزِلَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُوَافِقُونَ الْأَشْعَرِيَّةَ عَلَى نَفْيِ الْحِكَمِ وَالْأَسْبَابِ.
وَالْمَقْصُود هُنَا: أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ لَيْسَتْ مُلَازِمَةً لِمَسْأَلَةِ الْقَدَرِ.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا: فَالنَّاسُ فِي مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: طَرَفَانِ وَوَسَطٌ:
الطَّرَفُ الْوَاحِدُ: قَوْلُ مَن يَقُولُ: بِالْحُسْنِ وَالْقبْحِ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ صِفَاتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute