[الولاء والبراء]
١٣٣ - مِن جِنْسِ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ الَّتِي ذَمَّ اللهُ بِهَا أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ: الْإِيمَانُ بِبَعْضِ مَا هُم عَلَيْهِ مِن الْكُفْرِ أَو التَّحَاكُم إلَيْهِم دُونَ كِتَاب اللهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١)} [النساء: ٥١] وَقَد عُرِفَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولهَا شَأْنُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ -أَحَدِ رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ- لَمَّا ذَهَبَ إلَى الْمُشْرِكِينَ وَرَجَّحَ دِينَهُم عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَالطَّاغُوتُ: فعلوت مِن الطُّغْيَانِ، كَمَا أَنَّ الْمَلَكُوتَ فعلوت مِن الْمُلْك، وَالرَّحَمُوتُ وَالرَّهَبُوتُ والرغبوت: فعلوت مِن الرَّحْمَةِ وَالرَّهْبَة وَالرَّغْبَة.
وَالطُّغْيَانُ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَهُوَ الظُّلْمُ وَالْبَغْيُ، فَالْمَعْبُودُ مِن دُونِ اللهِ إذَا لَمْ يَكُن كَارِهًا لِذَلِكَ: طَاغُوتٌ؛ ولهَذَا سَمَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْأَصْنَامَ طَوَاغِيتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لَمَّا قَالَ: "وَيتَّبعُ مَن يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ: الطَّوَاغِيتَ" (١).
وَالْمُطَاعُ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَالْمُطَاعُ فِي اتِّبَاعِ غَيْرِ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ- سَوَاءٌ كَانَ مَقْبُولًا خَبَرُهُ الْمُخَالِفُ لِكِتَابِ اللهِ أَو مُطَاعًا أَمْرُهُ الْمُخَالِفُ لِأمْرِ اللهِ- هُوَ طَاغُوتٌ؛ وَلهَذَا سُمِّيَ مَن تحُوكِمَ إلَيْهِ مَن حَاكَمَ بِغَيْرِ كِتَابِ اللهِ: طَاغُوتٌ، وَسَمَّى اللهُ فِرْعَوْنَ وَعَادًا طُغَاةً، وَقَالَ فِي صَيْحَةِ ثَمُودَ: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: ٥].
فَمَن كَانَ مِن هَذ الْأُمَّةِ مُوَالِيًا لِلْكُفَّارِ مِن الْمُشْرِكِينَ أَو أَهْلِ الْكِتَابِ بِبَعْضِ
(١) رواه البخاري (٧٤٣٧)، ومسلم (١٨٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute