للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حكم الشُّرْبُ قَائِمًا)

٤٩٥٢ - أَمَّا الشُّرْبُ قَائِمًا: فَقَد جَاءَت أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِالنَّهْيِ وَأَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِالرُّخْصَةِ، وَلهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، وَذُكِرَ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد، وَلَكِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَنْ تُحْمَلَ الرُّخْصَةُ عَلَى حَالِ الْعُذْرِ.

فَأَحَادِيثُ النَّهْيِ مِثْلهَا فِي "الصَّحِيحِ" (١) عَن قتادة عَن أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- زَجَرَ عَن الشُّرْبِ قَائِمًا.

قَالَ قتادة: فَقُلْنَا: الْأَكْلُ؟ فَقَالَ: ذَاكَ شَرٌّ وَأَخْبَثُ.

وَأَحَادِيثُ الرُّخْصَةِ مِثْل حَدِيثِ مَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٢) عَن عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَرِبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمًا مِن زَمْزَمَ.

فَيَكُونُ هَذَا وَنَحْوُهُ مُسْتَثْنًى مِن ذَلِكَ النَّهْيِ.

وَهَذَا جَارٍ عَن أَحْوَالِ الشَّرِيعَةِ: أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ يُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ بَل مَا هُوَ أَشَدُّ مِن هَذَا يُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ بَل الْمُحَرَّمَاتُ الَّتِي حُرِّمَ أَكْلُهَا وَشُرْبُهَا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ تُباحُ لِلضَّرُورَةِ.

وَأَمَّا مَا حُرّمَ مُبَاشَرَتُهُ طَاهِرًا -كَالذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ- فَيُبَاحُ لِلْحَاجَةِ. [٣٢/ ٢٠٩ - ٢١٠]

* * *

(كَانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- لَا يَرُدُّ مَوْجُودًا، وَلَا يَتَكَلَّف مَفْقُودًا)

٤٩٥٣ - كَانَ -صلى الله عليه وسلم- يَأْكُلُ فَاكِهَةَ بَلَدِهَ، مَا قُدِّمَتْ لَهُ فَاكِهَةٌ: فَتَرَكَ أَكْلَهَا، لَا عَلَى سَبِيلِ الزُّهْدِ الْفَاسِدِ، وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ الْفَاسِدِ؛ بَل كَانَ لَا يَرُدُّ مَوْجُودًا، وَلَا يَتَكَلَّفُ مَفْقُودًا، وَيَتَّبعُ قَوْله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ


(١) مسلم (٢٠٢٤).
(٢) البخاري (٥٦١٧)، ومسلم (٢٠٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>