للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْكُحْلُ وَالْحُقْنَةُ وَمَا يُقْطَرُ فِي إحْلِيلِهِ وَمُدَاوَاةُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ فَهَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِشَيْء مِن ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الصِّيَامَ مِن دِينِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، فَلَو كَانَت هَذ الْأمُورُ مِمَّا حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فِي الصِّيَامِ وَيفْسُدُ الصَّوْمُ بِهَا لَكَانَ هَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ بَيَانُهُ، وَلَو ذَكَرَ ذَلِكَ لَعَلِمَهُ الصَّحَابَةُ وَبَلَّغُوهُ الْأُمَّةَ كَمَا بَلَّغُوا سَائِرَ شَرْعِهِ.

فَإِنَّ الْكُحْلَ لَا يُغَذِّي أَلْبَتَّةَ، وَلَا يُدْخِلُ أَحَدٌ كُحْلًا إلَى جَوْفِهِ لَا مِن أَنْفِهِ وَلَا فَمِهِ.

وَكَذَلِكَ الْحُقْنَةُ لَا تُغَذّي؛ بَل تَسْتَفْرغُ مَا فِي الْبَدَنِ، كَمَا لَو شَمَّ شَيْئًا مِن الْمُسَهِّلَاتِ أَو فَزعَ فَزَعًا أَوْجَبَ اسْتِطْلَاقَ جَوْفِهِ، وَهِيَ لَا تَصِلُ إلَى الْمَعِدَةِ (١).

وَالدَّوَاءُ الَّذِي يَصِلُ إلَى الْمَعِدَةِ فِي مُدَاوَاةِ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ لَا يُشْبِهُ مَا يَصِلُ إلَيْهَا مِن غِذَائِهِ.

فَالصَّائِمُ نُهِيَ عَن الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ التَّقَوِّي. [٢٥/ ٢١٩ - ٢٤٥]

٣٠٨٨ - الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِالْكُحْلِ وَلَا بِالتَّقْطِيرِ فِي الْإِحْلِيلِ وَلَا بِابْتِلَاعِ مَا لَا يُغَذِّي كَالْحَصَاةِ، وَلَكِنْ يُفْطِرُ بِالسَّعُوطِ (٢) لِقَوْلِهِ: "وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا" (٣). [٢٠/ ٥٢٨]


(١) قال في الحاشية: وقوله حقّ، ولكن يُوجد في هذا الزمان حَقْنٌ اَخر، وهو إيصال بعض المواد الغذائية إلى الأمعاء، يُقصد بها تغذيةُ بعض المرضى فَتُفطّر. اهـ.
(٢) هو إدخال الدواء أو غيرِه من الأنف.
(٣) الترمذي (٧٨٨)، والنسائي (٨٧)، وابن ماجه (٤٠٧)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (١٤٢): صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>