للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التعميم في الدعاء]

٩٤٧ - فضل عموم الدعاء على خصوصه كفضل السماء على الأرض (١). [المستدرك ١/ ١٥٩]

* * *

[ذكر الله تعالى]

٩٤٨ - إن صِفَاتِ الْكَمَالِ إنَّمَا هِيَ فِي الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ، وَالصِّفَاتِ السَلْبِيَّةِ إنَّمَا تَكُونُ كَمَالًا إذَا تَضَمَّنَتْ أُمُورًا وُجُودِيَّةً؛ وَلهَذَا كَانَ تَسْبِيحُ الرَّبِّ يَتَضَمَّنُ تَنْزِيهَهُ وَتَعْظِيمَهُ جَمِيعًا، فَقَوْلُ الْعَبْدِ: "سُبْحَانَ اللهِ" يَتَضَمَّنُ تَنْزِيهَ اللهِ وَبَرَاءَتَهُ مِنَ السُّوءِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَتضَمَّنُ عَظَمَتَهُ فِي نَفْسِهِ، لَيْسَ هُوَ عَدَمًا مَحْضًا لَا يَتَضَمَّنُ وُجُودًا، فَإِنَّ هَذَا لَا مَدْحٌ فِيهِ وَلَا تَعْظِيمٌ (٢). [١٧/ ١٤٣ - ١٤٤]


(١) فالدعاء للأمة عامة من أفضل الطاعات، وأجلّ القربات، والتي تدل على محبة الداعي للمؤمنين كما يُحب لنفسه، ويدل على غيرته عليهم، وشفقته بهم، وقد أمر الله نبيهم بأن يدعو للمؤمنين فقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩].
وكان أنبياء الله ورسُلُه يدعون كثيرًا لعموم المؤمنين، ولا يخصون أنفسهم إلا في بعض الأحيان، قال نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: ٢٨]، وقال إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١)} [إبراهيم: ٤١].
(٢) كلامه يدل على جواز قول: سبحانك أثناء دعاء الأمام … وهو الذي يظهر لدليلين: أثري ولغوي.
أما الأثري: فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)} [القيامة: ٤٠]، قال: "سبحانك قبلى". رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "سبحانك" بعد ثناء الله على نفسه.
وأما الدليل اللغوي، فسبحان الله لها معانٍ كثيرة، منها: التعجب، ومن ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "سبحان الله!! المؤمن لا ينجس".
ومنها: تنْزيهُ الله جلَّ ثناؤه من كلِّ سوء.
قال ابن فارس رحمه الله: السين والباء والحاء أصلان: أحدهما جنسٌ من العبادة، والآخر جنسٌ من السَّعي. فَالأوَّل السُّبْحة، وهي الصَّلاة، ويختصّ بذلك ما كان نفلًا غير فَرض. يقول الفقهاء: يجمع المسافرُ بينَ الصَّلاتين ولا يُسبِّح بينهما؛ أي: لا يتنفَّل بينهما بصلاةٍ.
ومن الباب التَّسبيح، وهو تنْزيهُ الله جلَّ ثناؤه من كلِّ سوء.
والأصل الآخر السَّبْح والسِّباحة: العَوم في الماء. والسّابح من الخيل: الحَسَنُ مدِّ اليدين فى الجَرْي .. =

<<  <  ج: ص:  >  >>