وَلهَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ فِي مَوْضِع لَا يَظْهَرُ فِيهِ: كَانَ إعْلَانُهُ بِالْإِشْهَادِ.
فَالْإِشْهَادُ قَد يَجِبُ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يُعْلَنُ وَيَظْهَرُ، لَا لِأَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ؛ بَل إذَا زَوَّجَهُ وَلِيَّتَهُ ثُمَّ خَرَجَا فَتَحَدَّثَا بِذَلِكَ وَسَمِعَ النَّاسُ، أَو جَاءَ الشُّهُودُ وَالنَّاسُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَأَخْبَرُوهُم بِأنَّهُ تَزَوَّجَهَا: كَانَ هَذَا كَافِيًا.
وَهَكَذَا كَانَت عَادَة السَّلَفِ، لَمْ يَكونُوا يُكَلِّفُونَ إحْضارَ شَاهِدَيْنِ، وَلَا كِتَابَةَ صَدَاقٍ.
فَالَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ: أَنَ النِّكَاحَ مَعَ الْإِعْلَانِ: يَصِحُّ وَإِن لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدَانِ.
وَأَمَّا مَعَ الْكِتْمَانِ وَالْإِشْهَادِ: فَهَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ.
وَإِذَا اجْتَمَعَ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ: فَهَذَا الَّذِي لَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ.
وَإِن خَلَا عَن الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ: فَهُوَ بَاطِل عِنْدَ الْعَامَّةِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ قَد دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَالسُّنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ عَادَةُ الصَّحَابَةِ إنَّمَا كَانَ يُزَوِّجُ النِّسَاءَ الرِّجَالُ، لَا يُعْرَفُ أَنَّ امْرَأَةً تُزَوِّجُ نَفْسَهَا، وَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ. [٣٢/ ١٢٦ - ١٣١]
* * *
[حكم نكاح الحامل؟]
٤٤٠٣ - وَسُئِلَ: عَن رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا أَصَابَهَا، فَوَلَدَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ، فَهَل يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ وَهَل يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
لَكِنْ لِلْعُلَمَاءِ فِي الْعَقْدِ قَوْلَانِ:
أَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ؛ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا.