للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النُّفُوسِ مِن الْوَحْشَةِ، وَبَيَّنْت لَهُم أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ مِن أَجَلِّ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِمَام أَحْمَدَ رَحِمَه الله وَنَحْوِهِ، الْمُنْتَصِرِينَ لِطَرِيقِهِ، كَمَا يَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ (١).

فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى أُصُولِ أَحْمَدَ مِن ابْنِ عَقِيلٍ، وَأَتْبَعُ لَهَا؛ فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَانَ عَهْدُ الْإِنْسَانِ بِالسَّلَفِ أَقْرَبَ كَانَ أَعْلَمَ بِالْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ.

وَلَمَّا أَظْهَرْتُ كَلَامَ الْأَشْعَريِّ -وَرَآه الْحَنْبَلِيَّةُ- قَالُوا: هَذَا خَيْرٌ مِن كَلَامِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ.

وَأَظْهَرْت مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ لَمْ تَزَل الْحَنَابِلَةُ وَالْأَشَاعِرَةُ مُتَّفِقِينَ إلَى زَمَنِ القشيري فَإِنَّهُ لَمَّا جَرَتْ تِلْكَ الْفِتْنَةُ بِبَغْدَادَ تَفَرَّقَت الْكَلِمَةُ. [٣/ ٢٢٧ - ٢٢٩]

* * *

(الشيخ لا يدعو إلَى مَذْهَبٍ حَنْبَلِيٍّ وَغَيْرِ حَنْبَلِيٍّ، ولا يُكفر المعين)

٢٩٦ - فِي عُمْرِي إلَى سَاعَتِي هَذِهِ لَمْ أَدْعُ أَحَدًا قَطُّ فِي أُصُولِ الدِّينِ إلَى مَذْهَبٍ حَنْبَلِيٍّ وَغَيْرِ حَنْبَلِيٍّ، وَلَا انْتَصَرْت لِذَلِكَ، وَلَا أَذْكُرُهُ فِي كَلَامِي، وَلَا أَذْكُرُ إلَّا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا.

هَذَا مَعَ أَنِّي دَائِمًا وَمَن جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي: أَنِّي مِن أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَن أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَد قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي مَن خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً وَفَاسِقًا أُخْرَى وَعَاصِيًا


(١) قال في كتابه الإبانة عن أصول الديانة تحقيق: د. فوقية حسين محمود (ص ٢٠): قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله ربنا عزَّوجلَّ، وبسُّنَّة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل -نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته- قائلون، ولما خالف قوله مخالفون. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>