للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤]، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِن الْمُسْلِمِينَ أَو أَكْثَرَهُم بِهَذِهِ الصِّفَةِ.

وَقَد ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَإِنَّمَا الْمُومِنُ مَن لَمْ يَرْتَبْ (١)، وَجَاهَدَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ.

فَمَن لَمْ تَقُمْ بِقَلْبِهِ الْأَحْوَالُ الْوَاجِبَةُ فِي الْإِيمَانِ: فَهُوَ الَّذِي نَفَى عَنْهُ الرَّسُولُ الْإِيمَانَ، وَإِن كَانَ مَعَهُ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ مِن الْإِيمَانِ.

وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ التَّصْدِيقِ شَيْءٌ مِن حُبِّ اللهِ وَخَشْيَةِ اللهِ، وَإِلَّا فَالتَّصْدِيقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ لَيْسَ إيمَانًا أَلْبَتَّةَ؛ بَل هُوَ كَتَصْدِيقِ فِرْعَوْنَ وَالْيَهُودِ وَإِبْلِيسَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ السَّلَفُ عَلَى الْجَهْمِيَّة. [٧/ ٣٠٦ - ٣٠٧]

* * *

(الْإِنْسَان يَكونُ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ، ويَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَكُفْرٌ لا يَنْقُلُ عَن الْمِلَّةِ)

٥٣٩ - إِذَا كَانَ مِن قَوْلِ السَّلَفِ: أنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ: فَكذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَكُفْرٌ، لَيْسَ هُوَ الْكُفْرُ الَّذِي يَنْقُلُ عَن الْمِلَّةِ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ فِي قَوْله تعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤]، قَالُوا: كَفَرُوا كُفْرًا لَا يَنْقُلُ عَن الْمِلَّةِ،


= ومثل هذا النفي للإيمان لا ينفي وجوده ولا صحته؛ بل ينفي كماله الواجب كما قرر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
والقاعدة التي قررها كما تقدم هي: إنْ نَفَى الْإِيمَانِ عِنْدَ عَدَمِهَا -أي: أعْمَال الْبِرِّ-: دَلَّ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ.
وَإِن ذَكَرَ فَضْلَ إيمَانِ صَاحِبِهَا -وَلَمْ يَنْفِ إيمَانَهُ-: دَلَّ عَلَى أنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ. اهـ.
(١) أي: يشُكّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>