للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ أَحَبَّ الشَّرَابِ إلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- الْحُلْوُ الْبَارِدُ. [٣٢/ ٢١٣]

* * *

(بَابٌ الذَّكَاة)

٤٩٣٤ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى أَحَدٍ أَكَلَ مِن ذَبِيحَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَلَا يُحَرِّمَ ذَبْحَهُم لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَن أَنْكَرَ ذَلِكَ فَهُوَ جَاهِلٌ مُخْطِئٌ، مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ لَا يَسُوغُ فِيهَا الْإِنْكَارُ إلَّا بِبَيَانِ الْحُجَّةِ وَإِيضَاحِ الْمَحَجَّةِ، لَا الْإِنْكَارُ الْمُجَرَّدُ الْمُسْتَنِدُ إلَى مَحْضِ التَّقْلِيدِ؛ فَإِنَّ هَذَا فِعْلُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْأَهْوَاءِ (١).

كَيْفَ وَالْقَوْلُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَقَبْلَهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا مُخَالِفٌ لِمَا عُلِمَ مِن سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلمَا عُلِمَ مِن حَالِ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَانٍ؟.

فَاِنْ قِيلَ: هَذ الْآيَةُ مُعَارَضَة بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة ة ٢٢١]، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠].

قِيلَ: الْجَوَابُ مِن ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الشِّرْكَ الْمُطْلَقَ فِي الْقُرْآنِ لَا يَدْخُل فِيهِ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُونَ فِي الشِّرْكِ الْمُقَيَّدِ، قَالَ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: ١]، فَجَعَلَ الْمُشْرِكِينَ قِسْمًا غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا قُدِّرَ أَنَ لَفْظَ "الْمُشْرِكَاتِ" و"الْكَوَافِرِ" يَعُمُّ الْكِتَابِيَّاتِ:


(١) إذن؛ فالإنكار على بعض الدعاة أو المشايخ المجتهدين، أو غيرهم من أهل الإصلاح بمحض الذوق والرأي أو التقليد لعالم أو التعصب له: هو من فعل أهل الجهل والأهواء، وغالب الإنكار والردود اليوم هو من هذا القبيل.
وهذا لا يجوز إلا إذا كان الإنكار مستندًا إلى دليلٍ صحيح سالم من المعارض القوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>