وَالْعَبْدُ قَد يَأْكُلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، فَهُوَ رِزْقٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، لَا بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي.
وَمَا اكْتَسَبَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ: هُوَ رِزْقٌ بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
فَإِنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مَالُ وَارِثهِ لَا مَالُهُ. [٨/ ٥٤١]
* * *
(الردُّ على زعم الغزالي عدم مشروعية طلب الرزق)
٦٤٣ - وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَد ابْنُ تَيْمِيَّة -قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ-:
عَمَّا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ -فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بـ"مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ" فِي زَادِ الْآخِرَةِ مِن الْعَقَبَةِ الرَّابِعَةِ: وَهِيَ الْعَوَارِضُ بَعْدَ كَلَامٍ تَقَدَّمَ فِي التَّوَكُّلِ بِأَنَّ الرِّزْقَ مَضْمُونٌ - قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: هَل يَلْزَمُ الْعَبْدَ طَلَبُ الرِّزْقِ بِحَال؟
فَاعْلَمْ أَنَّ الرِّزْقَ الْمَضْمُونَ هُوَ الْغِذَاءُ وَالْقِوَامُ، فَلَا يُمْكِنُ طَلَبُهُ؛ إذ هُوَ شَيْءٌ مِن فِعْلِ اللهِ بِالْعَبْدِ؛ كَالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، لَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَلَا دَفْعِهِ.
وَأَمَّا الْمَقْسُومُ مِن الْأَسْبَابِ فَلَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ طَلَبُهُ؛ إذ لَا حَاجَةَ لِلْعَبْدِ إلَى ذَلِكَ.
فَأَجَابَ -رضي الله عنه-: هَذَا الَّذِي ذَكَرَة أَبُو حَامِدٍ قَد ذَهَبَ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِن النَّاسِ، وَلَكِنْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجُمْهُورُهُم عَلَى خِلَافِ هَذَا، وَأَنَّ الْكَسْبَ يَكُونُ وَاجِبًا تَارَة، وَمُسْتَحَبًّا تَارَةً، وَمَكْرُوهًا تَارَةً، وَمُبَاحًا تَارَةً، وَمُحَرَّمًا تَارَةً.
فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُن مِنْهُ شَيْءٌ وَاجِبٌ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ.
وَالسَّبَبُ الَّذِي أُمِرَ الْعَبْدُ بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ أَو أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ: هُوَ عِبَادَةُ اللهِ وَطَاعَتُهُ لَهُ وَلرَسُولِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute