للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(هل الشرط الفاسد يُبطل النكاح؟)

٤٤٢١ - الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي النِّكَاحِ كَثِيرَةٌ: كَنِكَاحِ الشِّغَارِ، وَالْمُحَلِّلِ، وَالْمُتْعَةِ، وَمِثْل أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَلَّا مَهْرَ لَهَا، أَو عَلَى مَهْرٍ مُحَرَّمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.

وَللْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَالٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ.

وَالثانِي: يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشرْطُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْجَمِيعِ.

والْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ: أَنَّهُ يَبْطُلُ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَالْمُتْعَةِ وَنِكَاحُ التَّحْلِيلِ الْمَشْرُوطُ فِي الْعَقْدِ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ الْمَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَمَعَ نَفْيِ الْمَهْرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَقَد احْتَجَّ الْأَكْثَرُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالنُّصُوصِ الثَّابِتَةِ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بِنَهْيِهِ عَن نِكَاحِ الشِّغَار، وَعَن نِكَاحِ التَّحْلِيلِ؛ كَنَهْيِهِ عَن نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَالنَّهْيُ عَن النِّكَاحِ يَقْتَضِي فَسَادَهُ؛ كَنَهْيِهِ عَن النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ، وَالنِّكَاحِ بِلَا وَليٍّ وَلَا شُهُودٍ.

وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَبْطَلُوا هَذِهِ الْعُقُودَ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَجَعَلُوا نِكَاحَ التَّحْلِيلِ سِفَاحًا، وَتَوَعَّدُوا الْمُحَلِّلَ بِالرَّجْم، وَمَنَعُوا مِن غَيْرِ نِكَاحِ الرَّغْبَةِ. فَتَبَيَّنَ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَسَادُ هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ.

وَلِأَنَّ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ أَوْكَدُ مِنْهَا فِي الْبَيْعِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (١): "إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ" (٢)، ثُمَّ


(١) رواه أبو داود (٢١٣٩)، والترمذي (١١٢٧)، والنسائي (٣٢٨١)، والدارمي (٢٢٤٩)، وأحمد (١٧٣٠٢).
(٢) قال الشيخ في موضع آخر: دَلَّ النَّصُّ عَلَى أَنَّ الْوَفَاءَ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْوَفَاءِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>