فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ غَيْرَ مُسْتَقِل بِالتَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ: لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُهُ، وَلَكِنْ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الْحَجْرَ.
وَإِن قَالَ: إنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ يَعْلَمُ أَنّي كُنْت مَحْجُورًا عَلَيَّ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَكَذَلِك إذَا ادَّعَى الْإِكْرَاهَ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمَضْمُونِ لَهُ. [٢٩/ ٥٥١ - ٥٥٢]
٣٦٩٠ - وَسُئِلَ: عَن رَجُلٍ لَهُ مِلْكٌ وَهُوَ وَاقِع فَأَعْلَمُوة بِوُقُوعِهِ فَأَبَى أَنْ يَنْقُضَهُ، ثمَّ وَقَعَ عَلَى صَغِيرٍ فَهَشَّمَهُ هَل يَضْمَنُ؟
فَأَجَابَ: هَذَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ فِي عَدَمِ إزَالَةِ هَذَا الضَّرَرِ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْمَالِكِ الرَّشِيدِ الْحَاضِرِ، أَو وَكِيلِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا، أَو وَليّهِ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ.
وَالْوَاجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالْأرْشُ فِي مَا لَا تَقْدِيرَ فِيهِ، وَيجِبُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ هَؤُلَاءِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِم فِي أَصَحِّ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ. [٣٠/ ١٥ - ١٦]
* * *
(الظُّلْمُ أَبْلَغُ تَحْرِيمًا مِن غِنَّاءِ الْأَجْنَبيَّةِ لِلرِّجَالِ وحكم غِنَاء الرِّجَالِ لِلرِّجَالِ، والْحَرَائِرِ لِلرِّجَالِ بِالدُّفِّ في الْأَفْرَاحِ؟)
٣٦٩١ - ظُلْمُ الضَّامِنِ بِمطَالَبَتِهِ بِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ وَإِن كَانَ مُحَرَّمًا: أَبْلَغُ تَحْرِيمًا مِن غِنَاءِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِلرِّجَالِ:
أ- لِأَنَّ الظُّلْمَ مِن الْمُحَرَّمَاتِ الْعَقْلِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَمَّا هَذَا الْغِنَاءُ فَإِنَّمَا نهِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَد يَدْعُو إلَى الزِّنَا، كَمَا حُرِّمَ النَّظَر إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ.
ب- وَلأَنَّ فِيهِ خِلَافًا شَاذًّا.
ج- وَلِأَنَ غِنَاءَ الْإِمَاءِ الَّذِي يَسْمَعُهُ الرَّجُلُ قَد كَانَ الصَّحَابَةُ يَسْمَعُونَهُ فِي الْعُرْسَاتِ، كَمَا كَانُوا يَنْظُرُونَ إلَى الْإِمَاءِ لِعَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي رُويَيهِنَّ وَسَمَاعِ أَصْوَاتِهِنَّ.
فَتَحْرِيمُ هَذَا أَخَفُّ مِن تَحريم الظُّلْمِ، فَلَا يُدْفَعُ أَخَفُّ الْمُحَرَّمَيْنِ بِالْتِزَامِ أَشَدِّهِمَا.