للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْحَجِّ إلَيْهَا وَدُعَاءِ غَيْرِ اللهِ وَعِبَادَتِهِ: مِن بِدَعِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ (١). [٢٧/ ٢٨٨ - ٣١٣]

* * *

(هل السلام على النبي عند قبره سُنَّة؟)

٢٩٦٢ - ذَكَرَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْتِي فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَت، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَفِي رِوَايَةٍ: "كَانَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ"، رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَن نَافِعٍ عَنْهُ.

وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ مَالِكٌ رَحِمَه الله فِيمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْحُجْرَةِ؛ إذ لَمْ يَكُن عِنْدَهُ إلَّا أَثَرُ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-.

وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ الْوُقُوفِ لِلدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَد كَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ: هُوَ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا السَّلَفُ، وَلَنْ يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا (٢). [٢٧/ ٣٨٤]


(١) من الملاحظ أن هؤلاء القضاة لجؤوا في تقوية رأيهم ودَعْمِ حجتهم وطلبهم إلى السلطان الحسي، وهو الحاكم، وذلك بأنْ يحبسه ويضيق عليه، فلذلك لا تجدهم ذكروا أدلة لِما زعموا، بل لم يتجاوز كلامهم صفحة واحدة، وأما شيخ الإسلام فإنما لجأ إلى السلطان المعنوي، وهو الحجة والبرهان، كما سماه الله تعالى بذلك في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} [غافر: ٥٦]، وهذا السلطان أقوى أثرًا، وأطولُ بقاءً.
وهكذا أهل الباطل في كل زمان ومكان يلجؤون إلى السلطان الحسي للاستقواء به على من خالفهم، بل ويُحرضون الناس عليهم، ويسبون ويقدحون، وأما العلماء الربانيون فإنما يلجؤون إلى السلطان المعنوي، من الحجج الواضحة، والبراهين الساطعة، دون اللجوء إلى حاكم ليُنصفهم، أو إلى جرح ذوات المخالفين -فيما يسوغ فيه الاجتهاد- لشفاءِ غيظهم. والله المستعان.
(٢) قال الشيخ في موضع آخر: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، لَا يَقِفُ لَا لِدُعَاءِ لَهُ وَلَا لِنَفْسِهِ، وَلهَذَا كَرِهَ مَالِكٌ مَا زَادَ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ مِن وُقُوفٍ لَهُ أو لِنَفْسِهِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَن أَحَدٍ مِن الصَّحَابَةِ فَكَانَ بِدْعَةً مَحْضَةً ..
مَعَ أنَّ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ سَائِرُ الصَّحَابَةِ إنَّمَا يَصْلُحُ لِلتَّسْوِيغِ، كَأَمْثَالِ ذَلِكَ فِيمَا فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ. (٢٧/ ٣٩٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>