وهكذا أهل الباطل في كل زمان ومكان يلجؤون إلى السلطان الحسي للاستقواء به على من خالفهم، بل ويُحرضون الناس عليهم، ويسبون ويقدحون، وأما العلماء الربانيون فإنما يلجؤون إلى السلطان المعنوي، من الحجج الواضحة، والبراهين الساطعة، دون اللجوء إلى حاكم ليُنصفهم، أو إلى جرح ذوات المخالفين -فيما يسوغ فيه الاجتهاد- لشفاءِ غيظهم. والله المستعان. (٢) قال الشيخ في موضع آخر: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، لَا يَقِفُ لَا لِدُعَاءِ لَهُ وَلَا لِنَفْسِهِ، وَلهَذَا كَرِهَ مَالِكٌ مَا زَادَ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ مِن وُقُوفٍ لَهُ أو لِنَفْسِهِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَن أَحَدٍ مِن الصَّحَابَةِ فَكَانَ بِدْعَةً مَحْضَةً .. مَعَ أنَّ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ سَائِرُ الصَّحَابَةِ إنَّمَا يَصْلُحُ لِلتَّسْوِيغِ، كَأَمْثَالِ ذَلِكَ فِيمَا فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ. (٢٧/ ٣٩٦)