حَتَّى قَالَ أَحْمَد: مَن لَمْ يُرَبِّعْ بِعَلِيّ فِي الْخِلَافَةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِن حِمَارِ أَهْلِهِ، وَنَهَى عَن مُنَاكَحَتِهِ.
وَهُوَ مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَعُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصَوُّفِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعَامَّةِ.
وَإِنَّمَا يُخَالِفُهُم فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.
وَوَفَاةُ النَبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَت فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِن هِجْرَتِهِ، وَإِلَى عَامِ ثَلَاثِينَ سَنَةَ كَانَ إصْلَاحُ ابْنِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ السَّيِّدِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِن الْمُؤْمِنِينَ بِنُزُولِهِ عَن الْأَمْرِ عَامَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ فِي شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى، وَسُمّيَ "عَامَ الْجَمَاعَةِ"؛ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى مُعَاوَيةَ، وَهُوَ أَوَّلُ الْمُلُوكِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١): "سَتَكُونُ خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ وَرَحْمَةٍ، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكٌ وَجَبْرِيَّةٌ، ثمَّ يَكُونُ مُلكٌ عَضُوضٌ".
وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ جِمَاعِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيئاتِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِمَارَةَ وَفِي تَرْكِها؛ فَإنَّهُ مَقَامُ خَطَرٍ؛ وَذَلِكَ أنَّ خَبَرَهُ بِانْقِضَاءِ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِيهِ الذَّمُّ لِلْمَلِكِ وَالْعَيْبِ لَهُ.
* * *
(هل الخلافة واجبة؟ وحكم من لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُ الْحَسَنَةِ الرَّاجحَةِ إلَّا بِسَيِّئَةٍ دُونَهَا فِي الْعِقَابِ؟)
٥١٩٥ - هُنَا طَرَفَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَن يُوجِبُ ذَلِكَ [أي: الخلافة] فِي كُلِّ حَالٍ وَزَمَانٍ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَيَذُمُّ مَن خَرَجَ عَن ذَلِكَ مُطْلَقًا أَو لِحَاجَة، كَمَا هُوَ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ مِن
(١) لم أجده عند مسلم، وهو عند الدارمي (٢١٤٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute