وَمِن هَذَا الْبَابِ: مَن لَا يَكُون قَصْدُهُ فِي اسْتِفْتَائِهِ وَحُكُومَتِهِ الْحَقَّ بَل غَرَضُهُ مَن يُوَافِقُهُ عَلَى هَوَاهُ كَائِنًا مَن كَانَ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَو بَاطِلًا: فَهَذَا سَمَاعٌ لِغَيْرِ مَا بَعَثَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ إنَّمَا بَعَثَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، فَلَيْسَ عَلَى خُلَفَاءِ رَسُولِ اللهِ أَنْ يُفْتُوهُ وَيحْكُمُوا لَهُ، كَمَا لَيْسَ عَلَيْهِم أَنْ يَحْكُمُوا بَيْنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ الْمُسْتَجِيبِينَ لِقَوْم آخَرِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا للهِ وَرَسُولِهِ. [٢٨/ ١٩٤ - ١٩٩]
* * *
[سورة يونس]
١٥٠٣ - قَالَ تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: ٣٩]؛ أَيْ: كَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ.
فَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِحَاطَةِ بِعِلْمِهِ وَبَيْنَ إتْيَانِ تَأْوِيلِهِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحِيطَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ، وَأَنَّ الْإِحَاطَةَ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ إتْيَانَ تَأْوِيلِهِ، فَإِنَّ الْإِحَاطَةَ بِعِلْمِهِ مَعْرِفَةُ مَعَانِي الْكَلَامِ عَلَى التَّمَامِ، وَإِتْيَانُ التَّأوِيلِ نَفْسُ وُقُوعِ الْمُخْبَرِ بِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَعْرِفَةِ الْخَبَرِ وَبَيْنَ الْمُخْبَرِ بِهِ، فَمَعْرِفَةُ الْخَبَرِ هِيَ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَمَعْرِفَةُ الْمُخْبَرِ بِهِ هِىَ مَعْرِفَةُ تَأْوِيلِهِ. [١٣/ ٢٨٣]
١٥٠٤ - قَوْلُهُ تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ} [يونس:: ٦٦]، ظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّ (مَا) نَافِيَةٌ وَهُوَ خَطَأٌ، بَل هِيَ اسْتِفْهَامٌ، فَإِنَّهُم يَدْعُونَ مَعَهُ شُرَكَاءَ كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُم فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. [١٥/ ٦١]
[سورة هود]
١٥٠٥ - قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: ١٧] وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ مَن هُوَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ ويتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute