للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقِيلَ: بَل مِن تَمَامِ قِرَاءَتِهِ أَنْ يَفْهَمَ مَعْنَاهُ وَيَعْمَلَ بِهِ، كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي: حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ عُثْمَانُ بْنُ عفان وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُم كَانُوا إذَا تَعَلَّمُوا مِن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِن الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قَالُوا: فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْاَنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ بِإسْنَادِهِ الثَّابِتِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} قَالَ: يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتبُاعِهِ (١). [٧/ ١٦٧ - ١٦٨]

* * *

(الصواب أَنَّ الْكَلَام وَالْقَوْل يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، وتوجيه الشيخ اختلاف عبارات السَّلَفِ في تعريف الْإِيمَان)

٥١٩ - النَّاسُ لَهُم فِي مُسَمَّى الْكَلَامِ وَالْقَوْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ؛ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْجُمْهُورُ أَنَهُ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، كَمَا يَتَنَاوَلُ لَفْظَ الْإِنْسَانِ لِلرُّوحِ وَالْبَدَنِ جَمِعيًا.

وَقِيلَ: بَل مُسَمَّاهُ هُوَ اللَّفْظُ، وَالْمَعْنَى لَيْسَ جُزْءَ مُسَمَّاهُ؛ بَل هُوَ مَدْلُولُ


(١) قال ابن جرير الطبري -رحمه الله-: القول في تأويل قوله تعالى: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: ١٢١] اختلف أهل التأويل في تأويل قوله -عز وجل-: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ}، فقال بعضهم: معنى ذلك يتبعونه حق اتباعه.
وقال آخرون: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ}، يقرؤونه حق قراءته.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك أنه بمعنى: يتبعونه حق اتباعه، من قول القائل: ما زلت أتلو أثره، إذا اتبع أثره، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله. اهـ. تفسير الطبري (٢/ ٥٦٦ - ٥٦٩).
قلت: وقد ذكر القائلين للقول الأول وهم كثير، ولم يذكر قائلًا للقول الثاني.
ولم يذكر ابن الجوزي وابن كثير والسعدي في معنى الآية غير القول الأول. زاد المسير (١/ ١٥٧)، تفسير ابن كثير (١/ ٤٠٣)، تفسير السعدي (٦٥).
قال القرطبي بعد أن ساق القول الأول: وَقِيلَ: يَقْرَؤونَهُ حَقَّ قِرَاءَتِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يُرَتلُونَ أَلْفَاظَهُ، وَيَفْهَمُونَ مَعَانِيَهُ، فَإنَّ بِفَهْمِ الْمَعَانِي يَكُونُ الاتباع لمن وفق. اهـ. تفسير القرطبي (٢/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>