للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(جهل علماء الطوائف الضالة بالقرآن والسُّنَّة بخلاف أهل الحديث)

٣٦٦ - إِذَا تَدَبَّرَ الْعَاقِلُ وَجَدَ الطَّوَائِفَ كلَّهَا كُلَّمَا كَانَت الطَّائِفَةُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ أَقْرَبَ: كَانَت بِالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ أَعْرَفَ، وَأَعْظَمَ عِنَايَةً.

وَإِذَا كَانَت عَن اللهِ وَعَن رَسُولِهِ أَبْعَدَ: كَانَت عَنْهُمَا أَنْأَى.

حَتَّى تَجِدَ فِي أَئِمَّةِ غلَمَاءِ هَؤُلَاءِ مَن لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ؛ بَل رُبَّمَا ذُكِرَتْ عِنْدَهُ آيَةٌ فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ صِحَّةَ الْحَدِيثِ.

وَقَد بَلَغَنَا مِن ذَلِكَ عَجَائِبُ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْنَا أَكْثَرُ (١).

وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ أَنَّهُ تَوَلَّى مَدْرَسَةَ مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ بِمِصْرَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ رَجُلٌ يُسَمَّى شَمْسَ الدِّينِ الأصبهاني .. فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {المص} [الأعراف: ١] حَتَّى قِيلَ لَهُ: أَلِفٌ، لَامٌ، مِيمٌ، صَادٌ.

فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْحُكُومَةَ الْعَادِلَةَ لِيَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ الَّذِينَ يَعِيبونَ أَهْلَ الْحَدِيثِ ويعْدِلُونَ عَن مَذْهَبِهِم جَهَلَةٌ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ بِلَا ريْبٍ.

وَلهَذَا لَمَّا بَلَغَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَن ابْنِ أَبِي قتيلة أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمَكَّةَ فَقَالَ: قَوْمُ سَوْءٍ، فَقَامَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -وَهُوَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ- ويقُولُ: زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ (٢).

فَإِنَّهُ عَرَفَ مَغْزَاهُ.

وَعَيْبُ الْمُنَافِقِينَ لِلْعُلَمَاءِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ: قَدِيمٌ مِن زَمَنِ الْمُنَافِقِينَ


(١) وفي هذا الزمان كشفت القنوات الفضائيّةُ جهل أكثر علماء الشيعة والصوفية -فضلًا عن عوامهم- بالقرآن تلاوةً ومعنى، ورأينا من يُخطئ في نطق الآيات من مراجعهم، ومن يذكر كلامًا وينسبه للقرآن.
وأما كذبهم في اختلاق القصص المنسوبة إلى أثمتهم فهو أشهر من أنْ يُذكر.
(٢) يُنظر: سير أعلام النبلاء (١١/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>