للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَجَابَهُم النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- جَوَابًا عَامًّا مُطْلَقًا بِأَنْ يُلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَأَنْ يَأْكُلُوا سَمْنَهُمْ، وَلَمْ يستفصلهم: هَل كَانَ مَائِعًا أَو جَامِدًا؟

وَتَرْكُ الاستفصال فِي حِكَايَةِ الْحَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ (١).

مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى سَمْنِ الْحِجَازِ أَنْ يَكُونَ ذَائِبًا، وَقَد قِيلَ: إنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا ذَائِبًا.

وَالْغَالِبُ عَلَى السَّمْنِ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الْقُلَّتَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَفْصِلْ: هَل كَانَ قَلِيلًا أَو كَثِيرًا.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَد رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: "إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا سَمْنكُمْ وَإِن كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ"؟

قيل: نَحْنُ جَازِمُونَ بِأَنَّ هَذ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مِن كَلَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلِذَلِكَ رَجَعْنَا عَن الْإِفْتَاءِ بِهَا بَعْدَ أَنْ كُنَّا نُفْتِي بِهَا أَوَّلًا، فَإِنَّ الرُّجُوعَ إلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِن التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ (٢). [٢١/ ٥١٤ - ٥١٥]

* * *

(الْوُضُوءُ مِن خَصَائِصِ أمَّةِ محَمَّدٍ)

٢٢٤٢ - أَخْبَرَ اللهُ عَن الْأَنْبِيَاءِ بِالسُّجُودِ الْمُجَرَّدِ فِي مِثْل قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)} [مريم: ٥٨] وَلَمْ يَكُونُوا مَأْمُورِينَ بِالْوُضُوءِ؛ فَإِنَّ الْوُضُوءَ مِن خَصَائِصِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؛ كَمَا جَاءَت الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُم يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَة غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثَارِ الْوُضُوءِ،


(١) هذه قاعدةٌ أُصوليةٌّ كبيرة عظيمة النفع.
(٢) هذا شأن أهل العلم الصادقين الطالبين للحق، الذين لا يترددون أبدًا في التراجع عن أقوالهم وآرائهم إذا تبين لهم أنّ الحق على خلافها.

<<  <  ج: ص:  >  >>