للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٢٥ - خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي وُجُوبِ الْإِنْكَارِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْفُسَّاقِ الَّذِينَ يَسْكرُونَ مِن الْحَشِيشَةِ؛ بَل الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأئِمَّةِ أنَّ قَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا حَرَامٌ؛ بَل الصَّوَابُ أَنَّ آكِلَهَا يُحَدُّ، وَأَنَّهَا نَجِسَةٌ، فَإِذَا كَانَ آكِلُهَا لَمْ يَغْسِلْ مِنْهَا فَمَهُ كَانَت صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَلَو غَسَلَ فَمَهُ مِنْهَا أيْضًا فَهِيَ خَمْرٌ. [٢٣/ ٣٥٨ - ٣٥٩]

* * *

(ضوابط الْحُبّ وَالْبُغْض)

٣٣٢٦ - الْحُبُّ وَالْبُغْضُ يَتْبَعُهُ ذَوْقٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمَحْبُوبِ وَالْمُبْغَضِ وَوَجْدٌ وَإِرَادَةٌ وَغيْرُ ذَلِكَ، فَمَن اتَّبَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ مِمَّن اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِن اللهِ؛ بَل قَد يَصْعَدُ بِهِ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَتَّخِذَ إلَهَهُ هَوَاهُ.

وَاتِّبُاعُ الْأهْوَاءِ فِي الدِّيَانَاتِ أَعْظَمُ مِن اتِّبُاعِ الْأَهْوَاءِ فِي الشَّهَوَاتِ (١).

فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أنْ يَنْظُرَ فِي نَفْسِ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ، وَمِقْدَارِ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ: هَل هُوَ مُوَافِقٌ لِأَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ؟ وَهُوَ هُدَى اللهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ؛ بِحَيْثُ يَكونُ مَأْمُورًا بِذَلِكَ الْحَبِّ وَالْبُغْضِ، لَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا فِيهِ بَيْنَ يَدَي اللهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّهُ قَد قَالَ: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١]، وَمَن أَحَبَّ أو أَبْغَضَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَي اللهِ وَرَسْولِهِ.

وَمُجَرَّدُ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ هَوًى؛ لَكِنَّ الْمُحَرَّمَ اتِّبَاعُ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ بغَيْرِ هُدًى مِن الله، وَلهَذَا قَالَ: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [ص: ٢٦] فَأَخْبَرَ أنَّ مَن اتَّبَعَ هَوَاهُ أَضَلَّهُ ذَلِكَ عَن سَبِيلِ اللهِ، وَهُوَ هُدَاهُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ، وَهُوَ السَّبِيلُ إلَيْهِ. [٢٨/ ١٣٢ - ١٣٤]

٣٣٢٧ - لَمَّا كَانَ الْعَمَلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِن شَيْئَيْنِ:


(١) صدق رحمه الله، ولذلك تجد الذين اتّبعوا أهْوَاءهم فِي الدِّيَانَاتِ أعْظَمَ فسادًا وضررًا من الذين اتّبعوا أهْوَاءهم فِي الشَّهَوَاتِ، ولا يكاد يتركون أهواءهم أو يتوبون منها، والفساد في الأرض إنما حصل جلّه منهم، حيث ظهرت البدع والديانات الفاسدة بسببهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>