للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ" (١).

فَإنْ كَانَ الرَّجُلُ مُتَسَتِّرًا بِذَلِكَ، وَلَيْسَ مُعْلِنًا لَهُ: أُنْكِرَ عَلَيْهِ سِرًّا وَسُتِرَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَتَرَ عَبْدًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" (٢).

إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ.

وَالْمُتَعَدِّي لَا بُدَّ مِن كَفّ عُدْوَانِهِ، وَإِذَا نَهَاهُ الْمَرْءُ سِرًّا فَلَمْ يَنْتَهِ فَعَلَ مَا يَنْكَفُّ بِهِ مِن هَجْرٍ وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعَ فِي الدِّينِ.

وَأَمَّا إذَا أَظْهَرَ الرَّجُلُ الْمُنْكَرَاتِ: وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ عَلَانِيَةً، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ غِيْبَةٌ (٣)، وَوَجَبَ أَنْ يُعَاقَبَ عَلَانِيَةً بِمَا يَرْدَعُهُ عَن ذَلِكَ مِن هَجْرٍ وَغَيْرِهِ، فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ عليه السلام إذَا كَانَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ مُتَمَكِّنًا مِن ذَلِكَ مِن غَيْرِ مَفْسَدَةٍ رَاجِحَةٍ.

وَينْبَغِي لِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ أَنْ يَهْجُرُوهُ مَيِّتًا كَمَا هَجَرُوهُ حَيًّا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ كَف لِأَمْثَالِهِ مِن الْمُجْرِمِينَ فَيَتْرُكُونَ تَشْيِيعَ جِنَازَتهِ. [٢٨/ ٢١٧ - ٢١٨]

٣٣٢٤ - لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَحْضُرَ الْأَمَاكِنَ الَّتِي يَشْهَدُ فِيهَا الْمُنْكَرَاتِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ إلَّا لموجِب شَرْعِيٍّ؛ مِثْل أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَمْرٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ أَو دُنْيَاهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِن حُضُورِهِ، أَو يَكُونُ مُكْرَهًا.

فَأَمَّا حُضُورُهُ لِمُجَرَّدِ الْفُرْجَةِ وَإِحْضَارُ امْرَأَتِهِ تُشَاهِدُ ذَلِكَ: فَهَذَا مِمَّا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ وَمُرُوءَتِهِ إذَا أَصَرَّ عَلَيْهِ (٤). [٢٨/ ٢٣٩]


(١) رواه مسلم (٤٩).
(٢) رواه البخاري (٢٤٤٢)، ومسلم (٢٥٨٠) بلفظ:"من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".
(٣) قال العلماء: لا غيبة لمجاهر.
(٤) ينطبق هذا على من يذهب بنفسه أو مع أهله للنزهة في أمكنة يظهر فيها الفساد علانية، ولا هدف له من ذلك سوى الفرجة والنزهة، فالواجب عليه ألا يمكث فيها أبدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>