فَالْمَفْضُولُ لَهُ أَمْكنَةٌ وَأَزْمِنَةٌ وَأَحْوَالٌ يَكُونُ فِيهَا أَفْضَلَ مِن الْفَاضِلِ.
٢١٩٧ - لَكِنَّ أَوَّلَ الدِّينِ وَآخِرَهُ وَظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ هُوَ التَّوْحِيدُ، وَإِخْلَاصُ الدِّينِ كُلِّهِ للهِ هُوَ تَحْقِيقُ قَوْلِ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ. [١٠/ ٢٦٣ - ٢٦٤]
٢١٩٨ - السُّكُوتُ بِلَا قِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا دُعَاءٍ لَيْسَ عِبَادَةً وَلَا مَأْمُورًا بِهِ؛ بَل يَفْتَحُ بَابَ الْوَسْوَسَةِ؛ فَالِاشْتِغَالُ بِذِكْرِ اللهِ أَفْضَلُ مِن السُّكوتِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِن أَفْضَلِ الْخَيْرِ. [٢٣/ ٢٨٥ - ٢٨٦]
* * *
[مسألة تفضيل بعض الأعمال على بعض]
٢١٩٩ - قَد يَكُونُ الْعَمَلُ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ بِحَسَبِ حَالِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ؛ لِكَوْنِهِ عَاجِزًا عَن الْأَفْضَلِ، أَو لِكَوْنِ مَحَبَّتِهِ وَرَغْبَتِهِ وَاهْتِمَامِهِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْمَفْضُولِ أَكْثَرَ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ فِي حَقِّهِ لِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِن مَزِيدِ عَمَلِهِ وَحُبِّهِ وَإِرَادَتِهِ وَانْتِفَاعِهِ، كَمَا أَنَّ الْمَرِيضَ يَنْتَفِعُ بِالدَّوَاءِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا لَا يَشْتَهِيهِ وَإِن كَانَ جِنْسُ ذَلِكَ أَفْضَلَ.
وَمِن هَذَا الْبَابِ صَارَ الذِّكْرُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ خَيْرًا مِن الْقِرَاءَةِ، وَالْقِرَاءَةُ لِبَعْضِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ خَيْرًا مِن الصَّلَاةِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ؛ لِكَمَالِ انْتِفَاعِهِ بِهِ لَا لِأَنَّهُ فِي جِنْسِهِ أَفْضَلُ.
وَهَذَا الْبَابُ: "بَابُ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ عَلَى بَعْضٍ" إنْ لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ التَّفْضِيلُ (١)، وَأَنَّ ذَلِكَ قَد يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ فِي كَثِيرٍ مِن الْأَعْمَالِ وَإِلَّا وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ.
فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَن إذَا اعْتَقَدَ اسْتِحْبَابَ فِعْلٍ وَرُجْحَانَهُ يُحَافِظُ عَلَيْهِ مَا لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ، حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ الْأَمْرُ إلَى الْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ وَالْحَمِيَّةِ
(١) هكذا في الأصل وفي جميع المصادر التي وقفت عليها، ولعل الصواب: (التَّفْصيلُ)، بالصاد المهملة؛ وسياق الكلام يقتضيه. والله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute