للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بطلان قول من يقول: إنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٍ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا الرَّسُولُ وَلَا غَيْرُهُ .. )

١٤١٣ - الدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ تُوجِبُ الْقَطْعَ بِبُطْلَانِ قَوْلِ مَن يَقُولُ: إنَّ فِي الْقُرْآنِ آياتٍ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا الرَّسُولُ وَلَا غَيْرُهُ.

فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: ٧]، أَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ مَن يَجْعَلُهُ مَعْطُوفًا، وَيَجْعَلُ الْوَاوَ لِعَطْفِ مُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ، أَو يَكُون كِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقًّا وَهِيَ قِرَاءَتَانِ، وَالتَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ غَيْرُ التَّأْوِيلِ الْمُثْبَتِ، وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ هُوَ قَوْلُ مَن يَجْعَلُهَا وَاوَ اسْتِئْنَافٍ؛ فَيَكُونُ التَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ عِلْمَهُ عَن غَيْرِ اللّهِ هُوَ الْكَيْفِيَّاتُ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ.

وَابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

أ - تَفْسِيرُ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِن كَلَامِهَا.

ب - وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ.

ج - وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ.

د - وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللّهُ، مَن ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ.

وَهَذَا الْقَوْلُ يَجْمَعُ الْقَوْلَيْنِ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ يَعْلَمُونَ مِن تَفْسِيرِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللّهُ.

فَأمَّا مَن جَعَلَ الصَّوَابَ قَوْلَ مَن جَعَلَ الْوَقْفَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] وَجَعَلَ التَّأْوِيلَ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ: فَهَذَا خَطَأٌ قَطْعًا.

وَأَمَّا التَّأْوِيلُ بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ: وَهُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَن الاِحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الاِحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ، فَهَذَا الاِصْطِلَاحُ لَمْ يَكُن بَعْدُ عُرِفَ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ، بَل وَلَا التَّابِعِينَ، بَل وَلَا الْأَئِمَّةِ الْأَرْبِعَةِ، وَلَا كَانَ التَّكَلُّمُ بِهَذَا الاِصْطِلَاحِ مَعْرُوفًا فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، بَل وَلَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْهُم خَصَّ لَفْظَ التَّأْوِيلِ بِهَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>