للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)} [البقرة:٩١] (١). [٥/ ١٠٠]

* * *

(معنى المعيَّة)

٤٣٣ - لَا يَحْسَبُ الْحَاسِبُ أَنَّ شَيْئًا مِن ذَلِكَ يُنَاقِضُ بَعْضَهُ بَعْضًا أَلْبَتَّةَ؛ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِن أَنَّ اللهَ فَوْقَ الْعَرْشِ يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ مِن قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤]، وَقَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "إذ قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ" (٢)، وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا غَلَطٌ.

وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ مَعَنَا حَقِيقَةً، وَهُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ حَقِيقَةً .. ؛ وَذَلِكَ أَنَّ كَلِمَةَ (مَعَ) فِي اللُّغَةِ إذَا أُطْلِقَتْ فَلَيْسَ ظَاهِرُهَا فِي اللُّغَةِ إلَّا الْمُقَارَنَةَ الْمُطْلَقَةَ، مِن غَيْرِ وُجُوبِ مُمَاسَّةٍ أَو مُحَاذَاةٍ عَن يَمِينٍ أَو شِمَالٍ، فَإِذَا قُيِّدَتْ بِمَعْنَى مِن الْمَعَانِي دَلَّتْ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى.

فَإِنَّهُ يُقَالُ: مَا زِلْنَا نَسِيرُ وَالْقَمَرَ مَعَنَا، أَو وَالنَّجْمَ مَعَنَا.

فَاللهُ مَعَ خَلْقِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ حَقِيقَةً .. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ السَّلَفِ: إنَّهُ مَعَهُم بِعِلْمِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْخِطَابِ وَحَقِيقَتُهُ.

[٥/ ١٠٢ - ١٠٣]

٤٣٤ - الْمَعِيَّةُ مَعِيَّتَانِ: عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ.


(١) ومن أمثلة ذلك:
١ - من ينتسب للسلف الصالح رحمهم الله ويطعن فيمن يُخالفهم، ثم لا يأخذ بما تواتر عنهم في باب الرفق بالمخالف المجتهد، ولا يُراعي الأدب في النصيحة، ولا يحفظ لسانه من الغيبة والسباب والطعن، ولا يأخذ بمنهجهم في الحرص على الاجتماع والتآليف، وترك التثريب على العالم والداعية المجتهد.
٢ - من يُحب شيخًا وينقل أقواله، ولا يأخذ بقولِه إذا خالف هواه وما هو مقتنع به، ويتأول كلامه، وربما عارضه بقول عالم أو شيخ آخر، وربما قال: بأنّه لم يتبين له الصواب في المسألة أو الرأي.
(٢) رواه البخاري (٧٥٣)، ومسلم (٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>