للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بَاب العناية بالقرآن فهمًا وحفظًا)

١٣٨٧ - الْعِلْمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ عَيْنًا كَعِلْمِ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ وَمَا نَهَى اللّهُ عَنْهُ: مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ مَا لَا يَجِبُ مِن الْقُرْآنِ.

وَأَمَّا طَلَبُ حِفْظِ الْقُرْآنِ: فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى كثِيرٍ مِمَّا تُسَمِّيهِ النَّاسُ عِلْمًا، وَهُوَ إمَّا بَاطِل أَو قَلِيلُ النَّفْعِ.

وَهُوَ أَيْضا مُقَدَّمٌ فِي التَّعَلُّمِ فِي حَقِّ مَن يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ عِلْمَ الدِّينِ مِنَ الْأصُولِ وَالْفُرُوع، فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ مِثْل هَذَا فِي هَذه الْأَوْقَاتِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ أَصْل عُلُومِ الدّينِ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِن أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْأَعَاجِم وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ يَشْتَغِلُ أَحَدُهُم بِشَيءٍ مِن فُضُولِ الْعِلْمِ .. وَيَتْرُكُ حِفْظَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ مِن ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَالْمَطْلُوبُ مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُن مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ (١). [٢٣/ ٥٤ - ٥٥]

١٣٨٨ - كَلَامُ اللّهِ لَا يُقَاسُ بِهِ كَلَامُ الْخَلْقِ؛ فَإِنَّ فَضْلَ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللّهِ عَلَى خَلْقِهِ.

وَأَمَّا الْأَفْضَلُ فِي حَقّ الشَّخْصِ: فَهُوَ بحَسَبِ حَاجَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ: فَإِنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى تَعَلُّمِ غَيْرِهِ فَتَعَلُّمُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِن تَكْرَارِ التِّلَاوَةِ الَّتي لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارِهَا.


(١) فالحافظ لكتاب اللّه دون فهم أحكامه، وتدبّر معانيه: لا يُعَدّ من أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ!
ولم يقل هذا شيخ الإسلام وحده، بل قال ذلك النووي رحمه الله تعالى حيث قال في الكلام عن الوصية: "المَسْألَةُ الرَّابِعَةُ: أَوْصَى لِلْعُلَمَاء أَو لِأهْلِ الْعِلْمِ، صُرِفَ إِلَى الْعُلَمَاءِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ، وَهِيَ: التَّفْسِيرُ، وَالْفِقْهُ، وَالْحَدِيثُ.
وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ وَلَا عِلْمَ لَهُم بِطُرُقِهِ، وَلَا بِأَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وَلَا بِالْمُتُونِ، فَإِنَّ السَّمَاعَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِعِلْمٍ.
وَلَا يَدْخُلُ أيْضًا الْمُقْرئُونَ، وَعَابِرُو الرُّؤْيَا، وَلَا الْأُدَبَاءُ، وَالْأَطِبَّاءُ، وَالْمُنَجِّمُونَ، وَالْحُسَّابُ، وَالْمُهَنْدِسُونَ". ا هـ. روضة الطالبين (٦/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>