للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَمَّا الْمَغْرِبُ الْأَقْصَى فَمَعَ اسْتِيلَاءِ الْإِفْرِنْجِ عَلَى أَكْثَرِ بِلَادِهِمْ لَا يَقُومُونَ بِجِهَادِ النَّصَارَى هُنَاكَ؛ بَل فِي عَسْكَرِهِمْ مِن النَّصَارَى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الصُّلْبَانَ خَلْقٌ عَظِيمٌ، لَو اسْتَوْلَى التتارُ عَلَى هَذِهِ الْبِلَادِ لَكَانَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ مَعَهُم مِن أَذَلِّ النَّاسِ، لَا سِيَّمَا وَالنَّصارَى تَدْخُلُ مَعَ التَّتَارِ فَيَصِيرُونَ حِزْبًا عَلَى أَهْلِ الْمَغْرِبِ.

فَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْعِصَابَةَ الَّتِي بِالشَّامِ وَمِصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ هُم كَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ، وَعِزُّهُم عِزُّ الْإِسْلَامِ، وَذُلُّهُم ذُلُّ الْإِسْلَامِ، فَلَو اسْتَوْلَى عَلَيْهِم التَّتَارُ لَمْ يَبْقَ لِلْإِسْلَامِ عِزٌّ، وَلَا كَلِمَةٌ عَالِيَة، وَلَا طَائِفَة ظَاهِرَةٌ عَالِيَةٌ يَخَافُهَا أَهْلُ الْأرْضِ تُقَاتِل مِنْهُ.

فَمَن قَفَزَ عَنْهُم إلَى التَّتَارِ كَانَ أَحَقَّ بِالْقِتَالِ مِن كَثِيرٍ مِن التَّتَارِ؛ فَإِنَّ التَّتَارَ فِيهِم الْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكْرَهِ.

* * *

[لا يستعان بأهل الذمة]

٣٣٩٣ - لا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة؛ لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها.

وسئل أحمد في رواية أبي طالب عن الاستعانة بهم في مثل الخراج فقال: لا يستعان بهم في شيء، ومن تولى منهم ديوانًا (١) للمسلمين ينقض عهده، ومن ظهر منه أذى للمسلمين أو سعى في فساد لم يجز استعماله، لكن إن تاب ومضت مدة ظهر معها صدق توبته جاز استعماله، وغيره أولى منه بكل حال، فإن أبا بكر -رضي الله عنه- عهد: ألا يستعمل من أهل الردة أحد وإن عاد إلى الإسلام؛ لما يخاف من فساد نياتهم.

* * *


(١) في الأصل: (ديوان) بالرفع، والتصويب من الفتاوى الكبرى (٥/ ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>