للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يكن نظائر تلك الأفعال محرمةً، ثم حرمت تلك الأفعال بلفظ يخصها، أو بلفظ يعمها والفعل الآخر؛ فالواجب فيه أن ينظر: فإن كان ذلك العموم مما قد عرف دخول تلك الصورة فيه كان نسخًا، وكذلك إذا لم يكن بين الصورتين فرق، وهذا مثل ما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يعامل المشركين والمنافقين من العفو والصفح، قبل نزول براءة، وكانت المساجد ينتابها المشركون قبل نزول براءة، وكان المسلمون يلون أقاربهم المشركين في الغسل وغيره؛ كولاية علي أباه، قبل أن يقطع الله الموالاة بينهم.

وبالجملة: متى كان الحكم الأول قد عرفت علَّته وزالت بمجيء النص الناسخ، أو كان معنى النص الناسخ متناولًا لتلك الصورة: فلا ريب في النسخ.

وتختلف بعض آراء المجتهدين في بعض هذه التفاصيل، وهذه القاعدة يُحتاج إليها في الفقه كثيرًا. [المستدرك ٢/ ٤٥ - ٤٦]

* * *

(النسخ بالتعليل نسخ للشريعة وما له إلى الانحلال … )

١٩٣٧ - ما حكم به الشارع مطلقًا أو في أعيان: فهل يجوز تعليله بعلة مختصة بذلك الوقت بحيث يزول ذلك الحكم زوالًا مطلقًا: قد ذهب الحنفية والمالكية إلى جواز ذلك، ذكروه في مسألة التحليل، وذكره المالكية في حكمه بتضعيف الغرم على سارق الثمر المعلق والضالة المكتومة ومانع الزكاة وتحريق متاع الغال، وهو يشبه قول من يقول: إن حكم المؤلفة قد انقطع.

قال شيخنا: وهذا عندي اصطلام للدين، ونسخ للشريعة بالرأي، ومآله إلى انحلال من بعد الرسول عن شرعه بالرأي؛ فإنه لا معنى للنسخ إلا اختصاص كل زمان بشريعة، فإذا جوز هذا بالرأي نسخ بالرأي.

وأما أصحابنا وأصحاب الشافعي فيمنعون ذلك، ولا يرفعون الحكمَ المشروعَ بخطابٍ إلا بخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>