(أهميَّةُ تأمُّلِ الْآيَات الْمَخْلُوقَة وَتدبر الْآيَات الْمَتْلُوَّة)
٥٣٠ - قَالَ تَعَالَى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: ٥٣]؛ أَيْ: إنَّ الْقُرْآنَ حَق، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: ٥٣] فَإنَّ اللهَ شَهِيدٌ فِي الْقُرْآنِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ، فَآمَنَ بِهِ الْمُومِنُ، ثُمَّ أَرَاهُم فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ مِن الْآيَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى مِثْل مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ، فَبَيَّنَتْ لَهُم هَذِهِ الآيَاتُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، مَعَ مَا كَانَ قَد حَصَلَ لَهُم قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)} [ق: ٦ - ٨]؛ فَالْآيَاتُ الْمَخْلُوقَةُ وَالْمَتْلُوَّةُ: فِيهَا تَبْصِرَةٌ وَفِيهَا تَذْكِرَةٌ، تَبْصِرَةٌ مِن الْعَمَى، وَتَذْكِرَةٌ مِن الْغَفْلَةِ، فَيُبْصِرُ مَن لَمْ يَكُن عَرَفَ حَتَّى يَعْرِفَ، وَيَذْكُرُ مَن عَرَفَ وَنَسِيَ.
وَالْإِنْسَانُ يَقْرَأُ السُّورَةَ مَرَّاتٍ حَتَّى سُورَة الْفَاتِحَةِ، وَيَظْهَرُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ مِن مَعَانِيهَا مَا لَمْ يَكُن خَطَرَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، حَتَّى كَأَنَّهَا تِلْكَ السَّاعَةُ نَزَلَتْ، فَيُؤمِنُ بِتِلْكَ الْمَعَانِي، وَيزْدَادُ عِلْمُهُ وَعَمَلُهُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَن قَرَأَ الْقُرْآنَ بِتَدَبُّرٍ، بِخِلَافِ مَن قَرَأَهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، ثُمَّ كُلَّمَا فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ اسْتَحْضَرَ أَنَّهُ أُمِرَ بِهِ فَصَدَّقَ الْأَمْرَ، فَحَصَلَ لَهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِن التَّصْدِيقِ فِي قَلْبِهِ مَا كَانَ غَافِلًا عَنْهُ، وَإِن لَمْ يَكُن مُكَذِّبًا مُنْكِرًا. [٧/ ٢٣٦ - ٢٣٧]
* * *
(أَثبَتَ الكتاب والسُّنَّة إسْلَامًا بِلَا إيمَانٍ)
٥٣١ - أَثْبَتَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ إسْلَامًا بِلَا إيمَانٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} [الحجرات: ١٤].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute