للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(هل رُؤْيَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ رُؤْيَةٌ لِجَمِيعِهَا؟)

٣٠٨٦ - مَسْأَلَةُ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْبِلَادِ رُؤْيَةٌ لِجَمِيعِهَا: فِيهَا اضْطِرَابٌ (١)، فَإِنَّهُ قَد حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيمَا يُمْكِنُ اتِّفَاقُ الْمَطَالِعِ فِيهِ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِثْل الْأنْدَلُسِ وَخُرَاسَانَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ (٢).

وَاَلَّذِينَ قَالُوا: لَا تَكونُ رُؤْيَةً لِجَمِيعِهَا كَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْهُم مَن حَدَّدَ ذَلِكَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَمِنْهُم مَن حَدَّدَ ذَلِكَ بِمَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَطَالِعُ؛ كَالْحِجَازِ مَع الشَّامِ، وَالْعِرَاقِ مَعَ خُرَاسَانَ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ (٣)؛ فَإِنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْهِلَالِ.

وَأَمَّا الْأَقَالِيمُ فَمَا (٤) حَدَّدَ ذَلِكَ؟ ثُمَّ هَذَانِ خَطَأٌ مِن وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرُّؤْيَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ التَّشْرِيقِ وَالتَّغْرِيبِ، فَإِنَّهُ مَتَى رُئِيَ


(١) ومن عجيب الاضطراب: الاضطراب في النقل عن شيخ الإسلام رَحِمَه الله، فحينما قرأت كلامه هنا ولخصته تعجبت من أنه يُناقض ما اشْتُهر عنه القولُ باعتبارِ اتفاق المطالع في لزوم الصوم، فإذا اختلفت المطالع فلا يلزم الصوم بهذه الرؤية سوى من اتفقت مطالعهم فحسب.
وهذا هو الذي نقله عنه البعلي في الاختيارات، قال رَحِمَه الله: "تختلف المطالع باتفاق أهل المعرنة بهذا، فإن اتفقت لزمه الصوم وإلا فلا، وهو الأصح للشافعية وقول في مذهب أحمد".
لكنَّ شيخَ الإسلام هنا -كما سترى-: سيقرر نقيض ذلك، وسيضعّف فيه اعتبارَ اتفاق المطالع.
وقد وجدت بحثًا في موقع: صيد الفوائد، للدكتور سمير بن خليل المالكي، توصل إلى ما توصلتُ إليه فزادني طمأنينة حيث قال في نهايته: وإنما أطلت النقل من كلامه رَحِمَه الله لنفاسته، وهو يخالف ما ذهب إليه في الاختبارات من اعتبار اختلاف المطالع، بينما نص هنا على أن العبرة هي في بلوغ العلم بالرؤية في الوقت الذي يؤدى فيه الصوم أو الفطر، بمعنى أنه لو بلغهم خبر الرؤية بعد ذلك لم يلزمهم قضاء ذلك اليوم، والله أعلم. اهـ.
http:www.saaid.net-Doat-samer-٦.htm.
(٢) ونصّ كلامه كما في الاستذكار (١٠/ ٣٠): قَد أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا تُرَاعَى الرُّؤْيَةُ فِيمَا أُخِّرَ مِنَ الْبُلْدَانِ، كَالْأنْدَلُسِ مِن خُرَاسَانَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ بَلَدٍ لَهُ رُؤْيتُهُ إِلَّا مَا كَانَ كَالْمِصْرِ الْكَبِيرِ، وَمَا تَقَارَبَتْ أَقْطَارُهُ مِن بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ -وَاللهُ أَعْلَمُ-. اهـ.
(٣) أي: التحديد بمسافة القصر، والتحديد بما تختلف فيه المطالع.
(٤) لعل الصواب: (فمن).

<<  <  ج: ص:  >  >>