للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: {فَمَا} [التين: ٧] وَصْفٌ لِلْأَشْخَاصِ، وَلَمْ يَقُلْ "فَمَنْ" لِأَنَّ "مَا" يُرَادُ بِهِ الصِّفَاتُ دُونَ الْأَعْيَانِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ.

وَقَد يُقَالُ: إنَّ هَذَا تَحْقِيرٌ لِشَأنِهِ وَتَصْغِيرٌ لِقَدْرِهِ لِجَهْلِهِ وَظُلْمِهِ، كَمَا يُقَالُ: "مَن فُلَانٌ؟ ".

لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ "مَا" فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى صِفَتِهِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ إذ لَا غَرَضَ فِي عَيْنِهِ؛ كَأنَّهُ قِيلَ: "فَأَيُّ صِنْفٍ وَأَيُّ جَاهِلٍ يُكَذِّبُك بَعْدُ بِالدِّينِ؟ فَإِنَّهُ مِن الَّذِينَ يردون إلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ".

وَقَوْلُهُ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْحَاكِمُ بَيْنَ الْمُكَذِّبِ بِالدِّينِ وَالْمُؤمِنِ بِهِ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. [١٦/ ٢٧٩ - ٢٩٠]

* * *

[سورة العلق]

١٦٠٣ - إِنَّ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ مِن الْقُرْآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ.

وَقَد قِيلَ: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)} [المدثر: ١] رُوِيَ ذَلِكَ عَن جَابِرٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: {اقْرَأْ} أَمْرٌ بِالْقِرَاءَةِ لَا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَبِذَلِكَ صَارَ نَبِيًّا، وَقَوْلُهُ: {قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} [المدثر: ٢] أَمْرٌ بِالْإِنْذَارِ، وَبِذَلِكَ صَارَ رَسُولًا مُنْذِرًا. [١٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥]

١٦٠٤ - قَوْلُهُ تعالى: {اقْرَأْ} وَإِن كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَوَّلًا، فَهُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ أَحَدٍ.

وَبِهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: ٩٤] يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُخَاطَبًا وَمُرَادًا بِالْخِطَابِ؛ بَل هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>