للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ بِإِجْمَاعِهِمْ، وَالسَّلَامُ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْكَدُ مِن إجَابَةِ الدَّعْوَةِ، وَكَذَلِكَ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَالشَّرُّ الَّذِي يَحْصُلُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَمْ يَعُدْهُ إذَا مَرِضَ أَعْظَمُ مِمَّا يَحْصُلُ إذَا لَمْ يُجِبْ دَعْوَتَهُ، وَالسَّلَامُ أَسْهَلُ مِن إجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَمِن الْعِيَادَةِ. [٢٧/ ٤٠٧ - ٤١٢]

* * *

(هل يُمدح ويُذم الإنسان لنسبه؟ وهل عَلَّقَت الشَّرِيعَة بِالنَّسَبِ أَحْكامًا؟)

٥٤١٩ - إنَّ تَعْلِيقَ الشَّرَفِ فِي الدِّينِ بِمُجَرَّدِ النَّسَبِ هُوَ حُكْمٌ مِن أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ اتَّبَعَتْهُم عَلَيْهِ الرَّافِضَةُ وَأَشْبَاهُهُم مِن أَهْلِ الْجَهْلِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:١٣].

وَلهَذَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ يَمْدَحُ فِيهَا أَحَدًا بِنَسَبِهِ، وَلَا يَذُمُّ أَحَدًا بِنَسَبِهِ، وَإِنَّمَا يَمْدَحُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَيَذُمُّ بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَقَد ثَبَتَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- فِي "الصَّحِيحِ" (١) أَنَّهُ قَالَ: "أَرْبَعٌ مِن أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي أُمَّتِي لَنْ يَدَعُوهُنَّ: الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأنسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ". فَجَعَلَ الْفَخْرَ بِالْأَحْسَابِ مِن أمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ.

وَالشَّرِيعَةُ إنَّمَا عَلَّقَتْ بِالنَّسَبِ أَحْكَامًا؛ مِثْل كَوْنِ الْخِلَافَةِ مِن قُرَيْشٍ، وَكَوْنِ ذَوِي الْقُرْبَى لَهُم الْخُمْسُ، وَتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأنَّ النَّسَبَ الْفَاضِلَ مَظِنَّة أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ أَفْضَلَ مِن غَيْرِهِمْ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه وسلم-: "النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خِيَارُهُم فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُم في الإسْلَامِ إذَا فَقِهُوا" (٢).


(١) مسلم (٦٣٤).
(٢) رواه مسلم (٢٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>