للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا ظَهَرَ مَا ظَهَرَ مِن الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَقَوِيَ مَا قَوِيَ مِن حَالِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ: كَانَ مِن أَثَرِ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِن اسْتِيلَاءِ الْجَهْمِيَّهَ وَالرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ مِن أَهْلِ الضَّلَالِ، وَتَقْرِيبِ الصَّابِئَةِ وَنَحْوِهِمْ مِن الْمُتَفَلْسِفَةِ.

فَتَوَلَّدَ مِن ذَلِكَ مِحْنَةُ الْجَهْمِيَّة، حَتَّى اُمْتُحِنَت الْأُمَّةُ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ، وَالتَّكْذِيبِ بِكَلَامِ اللهِ وَرُؤْيتِهِ، وَجَرَى مِن مِحْنَةِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مَا جَرَى مِمَّا يَطُولُ وَصْفُهُ.

وَكَانَ فِي أَيَّامِ الْمُتَوَكِّلِ: قَد عَزَّ الْإِسْلَامُ حَتَّى أُلْزِمَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِالشُرُوطِ الْعُمَرِيَّةِ، وَأُلْزِمُوا الصَّغَارَ، فَعَزَّت السُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ، وَقُمِعَت الْجَهْمِيَّة وَالرَّافِضَةُ وَنَحْوُهُمْ. [٤/ ٢٠ - ٢٢]

* * *

(ذم الْفَلَاسِفَةَ وَالْمُتَكَلِّمِين، وذكر موقف له في صغره)

٣٥٢ - إنَّ الْفَلَاسِفَةَ وَالْمُتَكَلِّمِين مِن أَعْظَمِ بَنِي آدَمَ حَشْوًا وَقَوْلًا لِلْبَاطِلِ، وَتَكْذِيبًا لِلْحَقِّ فِي مَسَائِلِهِمْ وَدَلَائِلِهِمْ، لَا يَكَادُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- تَخْلُو لَهُم مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ عَن ذَلِكَ.

وَأَذْكُرُ أَنِّي قُلْت مَرَّةً لِبَعْضِ مَن كَانَ يَنْتَصِرُ لَهُم مِن الْمَشْغُوفِينَ بِهِم -وَأَنَا إذ ذَاكَ صَغِيرٌ قَرِيبُ الْعَهْدِ مِن الِاحْتِلَامِ- كُلُّ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ فَفِيهِ بَاطِلٌ:

- إمَّا فِي الدَّلَائِلِ.

- وَإِمَّا فِي الْمَسَائِلِ.

إمَّا أَنْ يَقُولُوا مَسْأَلَةً تَكُونُ حَقًّا لَكِنْ يُقِيمُونَ عَلَيْهَا أَدِلَّةً ضَعِيفَةً (١).

وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ بَاطِلًا (٢).


(١) فهنا: الباطل في الاستدلال، لا في أصل المسألة.
(٢) ولو احتج بدليل صحيح، لكنه لا يصلح للاستدلال في مسألته.

<<  <  ج: ص:  >  >>